وقال : ابعث بها عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فلمّا كان يوم النحر قرأها عليهالسلام كما أمره رسول الله صلىاللهعليهوآله.
أقول : لا خلاف بين الأمّة في هذه القصّة من عزل أبي بكر ونصب عليّ عليهالسلام بأمر جبرئيل عليهالسلام عن الله سبحانه وتعالى ، قد رواه الفريقان في الأصول والصّحاح بطرق كثيرة تبلغ التواتر ؛ فمن ذلك ما رواه في صحيح البخاريّ في الجزء الخامس (١) ، وتفسير الثعلبيّ (٢) في سورة براءة ، وفي الجمع بين الصّحاح في الجزء الثاني (٣) ، ما حاصله أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بعث أبا بكر مع آيات من براءة إلى أهل مكّة ، فلمّا بلغ ذي الحليفة (٤) بعث إليه عليّا فردّه ، فرجع أبو بكر فقال : هل نزل فيّ شيء؟ قال رسول الله : لا ، ولكن جاءني جبرئيل وقال : لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك.
وما رواه محمّد بن جرير الطبريّ من المخالفين في تاريخه في حوادث سنة ستّ من الهجرة : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمر عمر بن الخطاب فأبى واعتذر ـ وهذا لفظه في التاريخ ـ ثمّ دعى عمر بن الخطّاب ليبعثه إلى مكّة ليبلغ أشرف قريش ، فقال عمر : يا رسول الله ، إنّي أخاف قريشا على نفسي (٥).
أقول : وهذا دليل على فسق عمر ، بل كفره ، لقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦). وإنّه لم يثق بالنبيّ صلىاللهعليهوآله وقوله ، قال الطبريّ : ثمّ بعث أبا بكر أوّلا ثمّ عزله ثانيا.
أقول : فيه تنبيه على أنّه لا يصلح للنيابة الجزئيّة في حياته المنوط قصور نظره
__________________
(١) صحيح البخاريّ ٥ : ٢٠٢ ح ١ ، باب قوله (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ) ج ١ : ٩٧ ح ٣ ، باب ما يستر من العورة.
(٢) تفسير الثعلبيّ ٥ : ٨ ، ٢٧.
(٣) العمدة لابن البطريق ١٦٥ ـ ١٦٦ ح ٢٥٤.
(٤) موضع يبعد عن المدينة ستّة أميال.
(٥) تاريخ الطبريّ ٢ : ٢٧٨.
(٦) النور : ٦٣.