أجلّة المفسّرين عندهم ، في تفسيره ـ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : وقعت الخلافة من الله تعالى لثلاثة نفر : آدم عليهالسلام في قوله تعالى (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ؛ وداود عليهالسلام في قوله تعالى (إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً) ؛ وعليّ عليهالسلام في قوله تعالى (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) الآية. قال ابن مسعود : فمن كفر بعد ذلك بولاية عليّ عليهالسلام ، فأولئك هم الفاسقون.
أقول : لو لم يكن المراد عليّا عليهالسلام ، لما صدق الاتّفاق على أنّ الثلاثة المتقدّمة عليه باختيار الأمّة لم يكونوا خلفاء من الله تعالى ولا من رسوله.
لكن قال الرازي (١) : جمع الضمير يناسبهم ، ويدفعه جواز رجوعه إلى عليّ وأولاده عليهمالسلام ؛ كما هو من طريقتنا ، واستدلّ به في شرح الطوالع (٢) على صحّة خلافة الثلاثة ، وهو بمنزل [بعيد] عن التحقيق لعدم ظهور تأويله في زمانهم ، إذ النصّ فيه دفع الشرك والتقيّة بالمرّة ، لأنّ قوله تعالى (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) معناه يعبدونني عبادي لا يشركون بي شيئا ، ولم يرتفع الكفر والشرك إلى اليوم ، وإرجاع ضمير (يَعْبُدُونَنِي) و (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) إلى (الَّذِينَ آمَنُوا) تناقض ، وهذا ما وعد [الله تعالى به] نبيّه صلىاللهعليهوآله ليظهره على الدّين كلّه.
ولا ريب أنّه لم يأت تأويله ؛ بل يكون في زمان القائم عجّل الله فرجه ، وهو الّذي روى الفريقان [فيه] عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه : لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم ، لطوّل الله
__________________
٣٩٦ ، وفيه : رواه محمّد بن موسى الشيرازيّ ، عن علقمة بن مسعود ، قال : وقعت الخلافة من الله عزوجل في القرآن لثلاث نفر : آدم عليهالسلام بقوله تعالى (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يعني آدم ـ البقرة : ٣٠ ـ والخليفة الثاني داود عليهالسلام لقوله تعالى (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) يعني أرض بيت المقدّس ـ سورة ص : ٢٦ ـ والخليفة الثالث أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في السورة الّتي يذكر فيها النور (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) ـ إلى قوله تعالى ـ (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) الآية.
(١) ـ التفسير الكبير.
(٢) ـ وهو نظام الدين الشافعيّ. وانظر كلام البياضيّ في ردّه. (الصراط المستقيم ٢ : ١١).