لهم مثل ذلك ، ثمّ سقاهم اللبن ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيّكم يكون وصيّي ووزيري وينجز عداتي ويقضي ديني؟ فقام عليّ عليهالسلام ـ وكان أصغرهم سنّا ، وأحمشهم ساقا (١) وأقلّهم مالا ـ فقال : أنا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنت هو (٢).
ومن الجمهور رواه أحمد بن حنبل في مسنده (٣) ، عن ابن عبّاس بعدّة طرق ، والثعلبيّ (٤) في تفسيره مرفوعا إلى البراء بن عازب ، والرازي (٥) أيضا في تفسيره ، وابن المغازلي (٦) في مناقبه ، وابن عقدة (٧) في رسالته في شأن نزول هذه الآية ، وفيما رووه قال عليّ عليهالسلام في المراتب الثلاثة : أنا يا رسول الله ، ولم يقدم غيره : فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنت هو. وفي بعض الروايات : فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب عليهالسلام : أطع ابنك فإنّه أمّره عليك.
وهذا نصّ في خلافته لا مجال لإنكاره ، وظاهر الخلافة بلا فصل ، فيكون خليفة على الثلاثة أيضا ، مع أنّ الخلافة لعليّ عليهالسلام إذا كانت بنصّ الرسول فكان إجماع الأمّة على أبي بكر عن اجتهاد غلط ، فكان باطلا ، وهو الظاهر. وهذه القصّة مشهورة بين الفريقين ، مسطورة في كتب الحديث والتفسير والتواريخ ، مذكور على الألسنة والأفواه ، وفيها من الدّلالة على صحّة مذهبنا وبطلان مذهب المخالفين ما لا يخفى (٨).
__________________
(١) ـ الحمش والحموشة والحماشة : الدقّة.
(٢) ـ تفسير القمّيّ ٢ : ١٢٤.
(٣) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ١١١ ؛ خصائص أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام للنسائيّ رقم ٦٥.
(٤) ـ تفسير الثعلبيّ ٧ : ١٨٢.
(٥) ـ التفسير الكبير ١٢ : ٢٦.
(٦) ـ انظر : مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لابن المغازلي ٢٦١.
(٧) فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام لابن عقدة ٢٠٣ ـ ٢٠٥ ؛ أسرار الإمامة ٢٨٢.
(٨) انظر للتفصيل : موسوعة إحقاق الحقّ ٣ : ٥٦٢.