كما لا يخفى ؛ لا سيّما إذا قامت القرائن الحاليّة والمقاليّة بخلافها ، كما في المقام من وجوه كثيرة عرفت بعضها.
قال ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (١) ـ من أعلام المخالفين ـ بعد حديث «من كنت مولاه فعليّ وليّه» : وهذا نصّ صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته ، وكذا قوله صلىاللهعليهوآله : «وأدر الحقّ معه كيف ما دار» نصّ صريح في ذلك ، قال : وإجماع الأمّة منعقد على أنّه ما جرى بينه عليهالسلام وبين أحد من الصّحابة ، إلّا وكان الحقّ مع أمير المؤمنين. ألا ترى أنّ الفقهاء استنبطوا أحكام البغاة من وقعة الجمل وصفّين. وأيضا يشهد بما ذكرناه ما رواه ثقات الفريقين في الأصول والجوامع المقبولة المشهورة.
منهم أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره ، قال : وما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار ، فبلغ ذلك النعمان بن الحرث الفهريّ ، فأتاه على ناقة له ، فأناخها على باب المسجد ، ثمّ قال : يا محمّد إنّك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله فقبلنا منك ذلك ، ثمّ لم ترض بهذا حتّى رفعت بضبعي ابن عمّك ففضّلته على الناس ، وقلت «من كنت مولاه فعليّ مولاه». فهذا شيء من الله أو منك؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وقد احمرّت عيناه ـ : والله الّذي لا إله الّا هو إنّه من الله وليس منّي ، قالها ثلاثا ؛ فقام ابن الحرث وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك. «وفي رواية : إن كان ما تقول حقّا» فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم ، قال : فو الله ما بلغ باب المسجد حتّى رماه الله بحجر من السّماء فوقع على هامّته ، فخرج من دبره فمات ، فأنزل الله سبحانه (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (٢)
__________________
(١) تذكرة الخواصّ ٣٢ ـ ٣٣.
(٢) تفسير الثعلبيّ ١٠ : ٣٥ ، انظر : تذكرة الخواصّ ٣٠ ، ٣١ ؛ خصائص الوحي المبين ٣٥ ؛ العمدة لابن ـ