قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (١).
على أنّا قد بيّنا أنّ الأمّة اتّفقت على فساد إرادة تلك المعاني في المقام إلّا السيّد المطاع ، والأولى ، والناصر والمحبّ ، وأنّ نصرة النبيّ صلىاللهعليهوآله لأمّته ليست على أعدائهم الدنيويّة ، ضرورة القطع بخلافها ؛ بل على الأبالس وأنفسهم الأمّارة ، وهذا هو معنى الهادي ؛ فيدلّ على أنّ عليّا عليهالسلام هو الهادي بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وهذا معنى إمامته ووجوب طاعته.
وكذا محبّة النبيّ صلىاللهعليهوآله لأمّته ليست بالمعنى المتعارف ، بل بمعنى حبّه لهدايتهم ، كما قال تعالى (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٢) مع أنّه ظاهر ، ضرورة أنّ حبّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لهم كان في الإهداء والإرشاد والنجاة من عذاب الله وسلوك سبل السّلام ، وهذا معنى الإمامة. ووجوب الطاعة أيضا : أنّ المولى عين السيّد المطاع والأولى بالتصرّف ، [و] هو الأظهر في المقام حسب القرائن ، ومحاورة العرف والعادة ، مع أنّ المحبّ والناصر يرجعان إلى السيّد المطاع والأولى كما عرفت. قال تعالى (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣) [وقوله تعالى](وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) (٤) وبذلك كلّه ظهر لك فساد ما في المواقف (٥) وشرح المقاصد (٦) ، وفي الشرح الجديد والقديم للتجريد ، وفي الصواعق (٧) من منع
__________________
(١) الأحزاب : ٣٦.
(٢) القصص : ٥٦.
(٣) يونس : ٣٥.
(٤) الأعراف : ٤٣.
(٥) شرح المواقف ٨ : ٣٦١.
(٦) شرح المقاصد ٥ : ٢٧٤.
(٧) الصواعق المحرقة ١٢٢ ؛ شرح المواقف ٨ : ٣٦١.