أبي حاتم الرازي وقوع هذا الأمر من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فلا يكون متواترا ، بل ولا صحيحا ، وأنّه من الهذيانات والمزخرفات العامّيّة ، أصله من جهة اللجاج والعمى والاعوجاج ، إذ مخالفة الرازي العنود الجهول لا يقدح في التواتر سندا أو معنى في الأخبار المشاعة المذاعة المرويّة في الأصول والجوامع المشهورة المقبولة بينهم ، وإن اختلفوا في اعتبار العدد في التواتر ، والمشهور بين الفريقين الخاصّة والعامّة العدم ـ وهو الصحيح ـ كما ذكرنا في لبّ الأصول (٨) ، بل المعتبر هو ما يحصل معه العلم ، كما مرّ تعريفه.
وقيل : يعتبر فيه خمس. وقيل : اثنى عشر ، وقيل : عشرون في كلّ طبقة ؛ وكلّ ذلك خارج عن السّداد ، إلّا أنّه في المتواتر السندي لا في الأخبار المشاعة المذاعة في الأصول المعتبرة المشهورة بين الأمّة وفي التواتر المعنوي ، ولا أقلّ منه هنا.
وأفحش من ذلك إنكار العضدي (٩) كون عليّ عليهالسلام مع النّبيّ صلىاللهعليهوآله في ذلك السفر ، وليس أمثال ذلك إلّا معاندة محضة ، لا ينكره إلّا من له لجاج ، أو في ذهنه الاعوجاج ، يرشدك إليه اعتراف ابن حجر في موضع آخر من صواعقه (١٠) بصحّة ذلك ، وأفحش من ذلك إنكار كون المولى بمعنى الأولى بالتصرّف مع غاية شيوعه فيه عرفا ونقلا من أهل اللغة ، منهم أبو عبيدة (١١) في قوله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ
__________________
(٨) من تأليفات المؤلّف.
(٩) شرح المواقف ٨ : ٣٦١ ، وفيه : قال العضدي : لأنّ عليّا لم يكن يوم الغدير مع النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فإنّه كان باليمن.
(١٠) الصواعق المحرقة ١٢٢.
(١١) أبو عبيدة معمّر بن المثنى التيميّ المتوفّى ٢١٠ ه.