مَوْلاكُمْ) (١) : كما مرّ ، مع أنّه يتمّ المرام أيضا إذا كان بمعنى السيّد المطاع ، ويشهد على صحّة ما ذكرنا قول الغزالي في سرّ العالمين (٢) ، وبخبخة عمر واعترافه بمولويّة عليّ عليهالسلام عليه وعلى كلّ مؤمن ، كلّ ذلك مع أنّ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) معناه ؛ ما أنزل إليك في ولاية عليّ عليهالسلام (٣) ، «وإن لم تفعل» ذلك «فما بلّغت رسالته» أي كأنّك ما بلّغت رسالته ، حيث أنّك إذ لم تنصب وليّا على النّاس ، ومستحفظا للدّين ضاع دينك وشريعتك ، فكأنّك ما بلّغت رسالته في عدم الفائدة. ويشهد به أيضا قوله تعالى (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) إذ المناسب لوعده بالعصمة في ذلك بمحضر المهاجرين والأنصار إنّما هو أمر الخلافة والإمامة الّذي كان هو معرض بروز نفاق المنافقين ، فأوّل من برز منه قول عمر بن الخطاب (٤) : يا رسول الله هذا شيء منك أو من الله ؛ فقال : بل من الله ، فقال عمر : بخّ بخّ لك يا بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. وأنت تعرف أنّ قول عمر هذا كان عن غضب تفوح منه رائحة الكراهة ، ولو كان عن شكّ كان كفرا صريحا ،
__________________
(١) مجاز القرآن ٢ : ٢٥٤. وقال الحسن الجلبي في حاشيته على شرح المواقف ٨ : ٣٦١ بأنّ المولى بمعنى المتولّي والمالك للأمر والأولى بالتصرّف شائع في كلام العرب ، منقول من أئمّة اللغة ؛ قال أبو عبيدة : هي موليكم أي أولى بكم ، وقال عليهالسلام : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها ، أي الأولى بها والمالك لتدبير أمرها.
(٢) سرّ العالمين ١٧ ، ٢١.
(٣) نقل الجمهور أنّها نزلت في بيان فضل عليّ عليهالسلام يوم الغدير ، وقد نقل ذلك كثير من علماء العامة حفّاظهم ومفسّروهم ومحدّثوهم ومؤرّخوهم ؛ فراجع : تفسير الطبريّ ٦ : ١٩٨ ؛ مسند أحمد ١ : ١١٨ ، ١١٩ ، ١٥٢ ، و ٤ : ٢٨١ ، و ٥ : ٣٧٠ ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٢٩٨ ح ٦٣٣ ؛ التفسير الكبير للرازيّ ٣ : ٥٣٩ ؛ تفسير ابن كثير ٢ / ٢٥ ؛ ١٤ الدرّ المنثور ٢ : ٢٩٨ و ٥ / ١٨٢ ؛ أسباب النزول للواحديّ ١٣٥ ؛ شواهد التنزيل ١ / ٢٣٩ ؛ كفاية الطالب ٥٠ ـ ٥٨ ؛ المناقب للخوارزميّ ١٣٤ ـ ١٣٦ ؛ مقتل الحسين للخوارزميّ ٤٧ ؛ الفصول المهمّة ٤٠ ؛ فرائد السمطين ١ : ٦٣ ـ ٧٨ ؛ تذكرة الخواصّ ٢٨ ـ ٣٠ ؛ الصواعق المحرقة ٧٥ ؛ تاريخ بغداد ٨ : ٢٩٠.
(٤) تفسير القمّيّ ١ : ١٧٤ ؛ تفسير الصافي ٢ : ٧٠.