لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١) في حقّ رسوله ، ولو كان من جهة تصريح النبيّ صلىاللهعليهوآله بولاية من الله تأكيدا كان تسليما ورضا ، وهذا ينافي فعله بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله من بيعته لأبي بكر ، ودعواه الخلافة بعد أبي بكر لنفسه ، وأمره بالشورى بعده لعثمان وغيره. وممّن برز نفاقه النعمان بن الحرث كما مضى ، حتّى تمنّى نزول العذاب عليه لعدم رضاه بولاية عليّ عليهالسلام ؛ فأنزل الله عليه العذاب وسمّاه كافرا ، وهذا تلويح إلى أنّ من أنكره كان كافرا معذّبا ، وقوله تعالى (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) لا يناسب إرادة غير السيّد المطاع والأولى من قوله «من كنت مولاه فعليّ مولاه» الّذي قاله النبيّ صلىاللهعليهوآله بعد نزول الآية ، وقد علمنا بفعله في يوم غدير خمّ ونصبه لعليّ عليهالسلام وقوله : في حقّه بما قال : أنّه المراد في الآية ومن الآية. وقوله صلىاللهعليهوآله : «اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله». وهل بقي لخذلانه إذا تركه النّاس وصاروا إلى العجل ؛ كما فعله اليهود في حقّ هارون وصيّ موسى عليهالسلام شيء من الخذلان ، وهل بقي لمعاداته شيء حتّى قالوا : المؤمن لا يكمل إيمانه إلّا بمعاداة عليّ عليهالسلام ، وهم أظهر أفراد الناصبي الّذين أنكروا ما ثبت من الدّين والشرع ضرورة ، من وجوب موالاة أصحاب الكساء أهل بيت الرسول الّذين كان عليّ عليهالسلام رأسهم ورئيسهم وأفضلهم.
كلّ ذلك ثبت بأخبار ثقات الفريقين في الأصول المجمع عليها ، مشهور في كتب السير والحديث وغيرها ، فيا ليت شعري ما الداعي إلى تأويل قول الرسول صلىاللهعليهوآله في يوم غدير خمّ «من كنت مولاه فعليّ مولاه» مع صدره «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» وذيله يطلب النصر لناصره ، والخذلان لخاذله والمعاداة لعدوّه من ربّه عزوجل مع تلك التأكيدات ونزول آية (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ
__________________
(١) النجم : ٣ و ٤.