الخضر حين تحقق قوله (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (١) وقوله : (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (٢).
قال أصحابنا : فلو لا أنّ الأمر بما لا يستطيعون فعله دون توفيقه جائز لما كان لقولهم : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) معنى ، يعني : وهو لا يحملهم ما لا طاقة لهم به.
٢٩٠ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدّثنا عثمان بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) (٣) قال : هم الكفّار كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون / فاليوم يدعون وهو خائفون.
ثمّ أخبر الله ـ عزوجل ـ أنّه قد حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة ، فأمّا في الدنيا فإنّه قال : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) (٤) وهو طاعته (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) (٥) وأمّا في الآخرة فقال : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) (٦) وبإسناده عن ابن عباس في قوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٧) قال : هم المؤمنون وسّع الله عليهم أمر دينهم فقال : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٨) وقال : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) (٩) الإفطار في السفر (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) الصيام في السفر وقال : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١٠).
٢٩١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو زكريا يحيى بن محمّد العنبري ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم العبدي ، حدّثنا أمية بن بسطام ، حدّثنا يزيد بن زريع ، حدّثنا روح يعني ابن القاسم ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : لمّا نزلت على رسول الله
__________________
(١) سورة الكهف ، الآية رقم (٧٢).
(٢) سورة الكهف ، الآية رقم (٧٨).
(٣) سورة القلم ، الآية رقم (٤٣).
(٤) سورة هود ، الآية رقم (٢٠).
(٥) سورة هود ، الآية رقم (٢٠).
(٦) سورة القلم ، الآية رقم (٤٢ ، ٤٣).
(٧) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٨٦).
(٨) سورة البقرة ، الآية رقم (١٨٥).
(٩) سورة الحج ، الآية رقم (٧٨).
(١٠) سورة التغابن ، الآية رقم (١٦).