الحق هو الاول لان المستفاد من صيغة الامر في مثل قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) هو ذلك وبيانه ان صيغة افعل مشتملة على هيئة ومادة أما الهيئة فهى دالة على البعث نحو المطلوب واما المادة فهى تدل على صرف الطبيعة فلم يكن لهذين الامرين دلالة على خصوصية الفردية فعليه استفادة خصوصية الفردية منها تحتاج الى قرينة.
ان قلت لا يمكن امتثال نفس الطبيعة بما هي طبيعة فكيف يعقل تعلق الامر
__________________
حيث هى فى المامور به والمنهى عنه شىء واحد والاختلاف انما هو فى ناحية الامر والنهى فالامر طلب الايجاد والنهى طلب الترك والعدم.
واما الثانى منهما وهو تعلق الامر والنهى بالطبيعة من حيث الوجود فهو مبنى على انهما من مقولة الطلب ولا فرق بينهما الا فى متعلقهما ففى الامر المتعلق هو الطبيعة من حيث الوجود وفى النهى الطبيعة من حيث العدم والترك وعليه يكون المامور به هو الطبيعة من حيث الوجود والمنهى عنه هو الطبيعة من حيث العدم فتلخص من هذين الوجهين انه لا بد في الاوامر من لحاظ الوجود وفى النواهى من لحاظ العدم ولكن على الوجه الاول يكون الوجود داخلا فى مفهوم الامر والعدم داخلا فى مفهوم النهى فلا بد وان يكون متعلق الامر والنهى الطبيعة من حيث هى وعلى الوجه الثانى يكون الوجود داخلا فى متعلق الامر والعدم داخلا في متعلق النهى والامر والنهى يكونان من مقولة الطلب من غير فرق بينهما وانما الفرق في متعلقهما فمتعلق الاوامر الطبيعة من حيث الوجود وفي النواهى الطبيعة من حيث العدم والاظهر من الوجهين هو الاول اذ الظاهر انه لا فرق بين الطبيعة في قولنا اضرب وبينها في قولنا لا تضرب وانها ليست مقيدة في الاول بالوجود وفي الثاني بالعدم فلا بد وان يكون الوجود والعدم داخلين في مفهوم الامر والنهى فيكون متعلقهما الطبيعة من حيث هى فلا تغفل.