وفى مثله وقع النزاع ولكن بناء الأصحاب في الفقه على الغاء الخصوصيات ولا يبعد أن يكون ذلك جاريا بحسب التفاهم العرفي فينعقد لذلك ظهور ثانوي ، وثالثا يكون الخطاب من قبيل يا أيها الذين آمنوا ، ويا أيها الناس فان الخطاب يشتمل على كلمتين كلمة (يا) وهي تفيد الحضور وكلمة (أيها الناس) تفيد العموم ، فهاتان الكلمتان كل منهما يقتضي نفي الآخر فلا بد أن يأخذ باحدهما والظاهر انه كسائر الخطابات يقتضي الغاء الخصوصيات.
فان قلت إن المعدومين لما لم يكونوا موجودين في مجلس الخطاب بل ولا موجودين أصلا لا يعقل توجه التكليف إليهم.
قلنا هو في غاية المعقولية لو كان المقصود التكليف التعليقى لا التكليف الفعلى فيكون من قبيل الواجب المشروط فيكون التكليف للمعدومين متوجها اليهم على فرض وجودهم (١) فتحصل مما ذكرنا أنه ينعقد ظهور ثانوي للكلام بالغاء
__________________
(١) لا يخفى ان محل النزاع فى صحة توجيه الخطاب للغائبين فضلا عن المعدومين أم لا يصح ، الظاهر امكانه عقلا من غير فرق بين كون القضايا خارجية أو حقيقية كما انه لا يفرق بين كون الخطاب مفاد الهيئة أو مفاد الحرف لاحتياج الخطاب الى مخاطب ولا يلزم أن يكون موجودا خارجيا بل لا يلزم أن يكون قابلا للخطاب بل يكفى ادعاء شعوره كمثل (ايا جبل نعمان) ودعوى وضع أداة الخطاب (كيا) موضوعة لمن حضر مجلس الخطاب ممنوعة فانها موضوعة للخطاب واما بخصوص من حضر فلم يثبت على ان استعمالها على نحو العناية والمجاز يكفي لاثبات المطلوب من صحة توجيه الخطاب للمعدومين فضلا عن الغائبين بان يفرض وجودهما واما بالنسبة الى ثبوت الحكم الكلي للطبيعة فشمولها للمعدومين فضلا عن الغائبين مما لا اشكال فيه وينبغي ان يخرج عن محل النزاع لان نسبة الطبيعة الى الافراد الموجودة والمعدومة على حد سواء فافهم وتأمل.