بالآية على الاحتياط في الشبهة التحريمية الحكمية إذ هي من الشبهات غير المقرونة بالعلم وبنفس الشك في العقوبة يحصل القطع بعدمها لقاعدة قبح العقاب بلا بيان على ان مفادها مساوق لقاعدة دفع الضرر المحتمل الذي قد عرفت ورود قاعدة القبح عليها. وان كانت عبارة عن المضرة الدنيوية فقد عرفت منا سابقا انه لا يجب التحرز عنها ، إلا ما احرز انه مضرة فلم يجب التحرز عما احتمل انه مضرة كما في المقام.
ومنها قوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) ولكن لا يخفى ان المراد بحق تقاته هي المرتبة الكاملة من التقوى فتحمل الآية على الترغيب بتحصيل الأكمل فيكون مساقها مساق قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وعليه يحمل الامر على الاستحباب ومنه تعرف الحال في الاستدلال بقوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) مضافا الى امكان حملها على الجهاد بالمعنى الاخص فعليه تخرج الآية عن الاستدلال بها للمقام.
ومنها قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ولكن لا يخفى ان الظاهر من هذه الآية هو امكان ازالة الشبهة بالرجوع الى الله والرسول وعليه تخرج هذه الآية عن الاستدلال بها للمقام إذ لا إشكال انه مع التمكن من ازالة الشبهة لا يرجع الى البراءة عند الجميع على انه يمكن حملها على صورة تعارض النصين فحينئذ يكون الرد الى الله والرسول هو الترجيح بموافقة الكتاب او السنة فعليه تخرج عن مقام الاستدلال بها للاحتياط فلا تغفل.