من موارد جريان البراءة وقد دفع هذا التوهم بما حاصله ان النهي عن الخمر كان بنحو الكبرى الكلية الذي أوجب تنجز حرمة جميع الصغريات المعلومة تفصيلا أو اجمالا فالاجتناب عن الاول لا يحتاج الى المقدمة العلمية بخلاف الثاني فانه يحتاج الى المقدمة العلمية التي هي اطراف العلم الاجمالي فما احتمل خمرية شيء لما لم تكن معلومة تفصيلا وليس من اطراف المعلوم اجمالا فلم يكن النهي منجزا بالنسبة اليه لكي يجب الاجتناب عنه فيكون من موارد جريان البراءة وحيث ان كلامه لا يتم على الاطلاق لذا عدل الاستاذ (قده) في الكفاية بما حاصله ان النهي عن الشيء على قسمين فتارة يكون انحلاليا بنحو يكون كل فرد من افراد الطبيعة محكوما بحكم مستقل واخرى لا يكون انحلاليا بل يكون حكما واحدا متعلقا بمجموع التروك وعلى الاول يكون الشك في انطباق الطبيعة على الموضوع الخارجي فيكون الشك في محتمل فرديته من الشك في التكليف الذي هو مجرى البراءة وعلى الثاني ان التكليف قد تعلق بترك الطبيعة وذلك لا يحرز امتثاله إلا بترك كل ما يحتمل فرديته تحصيلا للقطع بفراغ الذمة.
بيان ذلك ان متعلق النهي تارة يكون بنحو الطبيعة السارية ، واخرى يكون بنحو صرف الوجود فان كان على الاول فلا اشكال في ان ما شك في كونه من متعلق النهي موردا لجريان البراءة من غير فرق بين ان يكون الاشتباه في الامور الخارجية ، كما هو فيما نحن فيه ، او الاشتباه في الحكم لاجل فقد النص ، أو اجماله ، إذ النهي المتعلق في الطبيعة السارية ينحل الى نواه متعددة ، فتكون المسألة من صغريات دوران الأمر بين الاقل والاكثر ، ففي الأقل يؤخذ به ، وفي ما عداه تجري البراءة ، وان كان النهي على النحو الثاني بان يكون علي نحو صرف الوجود ، فيمنع من جريان البراءة ، إذ مرجعه الى الشك في المحصل ، لان ترك الطبيعة لا يحصل إلا من مجموع التروك ، فالشك في فرد يكون شكا في