فظهر مما ذكرنا انه لا مجال لدعوى الشيخ الأنصاري (قده) من انصراف ادلة البراءة عن مثل المقام او دعوى عدم جريان الاصول النافية كاستصحاب عدم الوجوب او عدم الحرمة او المرخصة كاصالتي الحل والاباحة في كل من الفعل او الترك لحصول المناقضة بين جريانها والعلم الالزامي بأحدهما لما عرفت منا سابقا ان الترخيص لما كان بالمرتبة السابقة لا يكون مشمولا للبراءة لكي يدعى الانصراف كما ان المناقضة إنما تتصور مع حفظ المرتبة على انه لا مناقضة بينهما حيث ان العلم يتعلق بنفس العناوين والصور الذهنية التى ترى خارجية بلا سراية الى وجود المعنونات خارجا والشك يتعلق بنفس الخصوصيات التفصيلية ولذا قلنا بجمع العلم والشك في وجود واحد باعتبار الاجمال والتفصيل. وعليه لا ينافي تعلق العلم الاجمالي بعنوان احدهما اي الفعل او الترك والاباحة والبراءة يجريان في خصوص الفعل
__________________
واما الأمر الثالث المختص بالاصول التنزيلية وهو ان لا يكون التنزيلان على خلاف الواقع.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان هذه الامور مفقودة في المقام اما عدم جريانها في المقام فواضح واما مناقضتها للمعلوم بالتفصيل فان الالتزام باباحة كل من الطرفين ينافي العلم التفصيلي بوجوب الالتزام باحدهما. ودعوى ان مناقضته لا تضر حيث ان العلم الاجمالي لا أثر له سوى الالتزام مدفوعة بان مناقضته تحصل ولو لم يكن له اثر ، واما المناقضة بالنسبة الى الاصول التنزيلية فتحصل في اصل الجعل لو جرت في الطرفين. والحاصل ان الاصول لا تجرى في الطرفين تنزيلية كانت ام غيرها. واما جريانها في أحد الأطراف لو كان لها حالة سابقة فلا مانع منه وبجريانها يوجب انحلال المعلوم بالاجمال.