حكم العقل بالاشتغال باتيان المشكوك مع انه مرخص فيه في الرتبة السابقة.
وبالجملة المرجع في المقام البراءة لا الاشتغال والأنصاف انه يمكن ان يجاب عن ذلك بوجه آخر وهو ان الجمل تارة تتمحض للاخبار كما في الجمل الخبرية واخرى تتمحض للانشاء كما في المعاملات ، وثالثة واجدة للامرين كانشاء الاحكام فانها مع كونها انشاء للاحكام فيها جهة حكاية عن الإرادة متحققة في نفس المولى ولا بد له من كشف مراده ولما لم يكن كشف مراده بالامر الاول في مثل قصد التقرب فله ان يكشف مراده بالامر الثاني المتعلق بالذات مع قصد التقرب وهاتان الارادتان طوليتان واقعا ولا ينافي تعلقهما بما هو محصل للغرض اذ ذلك لا يرتبط بعالم الطلب لما هو معلوم بالوجدان تحقق امور ثلاثة طولية ذات الشىء والامر به والاتيان بداعي الامر ولا ينافي محصليته للغرض كونهما طوليين فتحصل مما ذكر انه لا فرق بين قصد القربة وبين سائر القيود فكما انها تجري فيها البراءة كذلك تجرى البراءة في مثل قصد التقرب وشبهة كونها شك في محصل الغرض آتية في سائر القيود أيضا. فدعوى الفرق بين سائر القيود وبين مثل قصد التقرب في غير محلها هذا كله بالنسبة الى القيود الطولية والعرضية.
واما الكلام بالنسبة الى القسم الثاني وهو ما لم يكن له وجود في قبال المشروط بل وجوده عينه كما لو تردد وجوب الاكرام مثلا بين خصوص زيد وبين اكرام مطلق الانسان ويكون زيد من باب انطباق الطبيعة المأمور بها عليه ويكون من التخيير العقلي أو كان التردد بين مطلق العتق وبين خصوص عتق الرقبة المؤمنة في خصال الكفارة ويكون من باب التخيير الشرعي فقد توهم جريان البراءة في هذا القسم كالقسم الاول حيث ان مرجعه الى ان المطلوب مطلق الطبيعة او منضما الى الخصوصية وهو من باب الاقل والاكثر فانه من موارد جريان البراءة العقلية والنقلية ولكن لا يخفى ان ذلك توهم فاسد إذ المقام من باب جريان