فان ذلك ينافي كون اناطة الحياة بالبينة اذ يكفي في الحياة عدم البينة بحكم العقل بقبح عقاب من دون بيان ولا يحتاج ذلك الى تحقق البينة فلازم اناطة الحياة بالبينة واقترانها بالفقرة السابقة وجوب صرفها عن المقام وجعلها في خصوص اصول الدين ولو لا ذلك للزم افتراق الفقرتين في المعنى حيث ان اناطة الحياة بالبينة لا تصلح الا لاصول الدين وجعل الفقرة الأولى اعني «ليهلك من هلك عن بينة» شاملة للشبهة التحريمية يوجب اختلال السياق ودعوى ان افتراق الفقرتين بان تكون الفقرة قد اوتي بها من جهة المحسنات الأخر البديعية ليس ذلك إلّا احتمالا وهو لا يوجب صحة الاستدلال اذ الاستدلال يحتاج الى احراز الدلالة لكي يدل على المدعي وبالجملة ان جملة «يحيى من حى عن بينة» هو اناطة الحياة بالبينة السابقة وليس ذلك إلّا في الامور الاعتقادية ولا تشمل التكاليف الفرعية وبذلك يوجب صرف الجملة السابقة عن ظهورها في التكاليف الفرعية وذلك حفظا للسياق فلا تغفل.
ومن الآيات التى استدل بها علي البراءة قوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) وتقرير الاستدلال انه سبحانه وتعالى ألهم نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم طريق الرد على اليهود لما حرموا على أنفسهم بعض ما رزقهم الله بانه لا أجد فيما أوحي اليّ محرما؟ فما حرمتموه على أنفسكم مما لم يعلم حرمته فالتزامكم بتحريمه هو افتراء فيستكشف من ذلك بان عدم الحرمة منوطة بعدم الوجدان ففي الشبهة التحريمية لما لم نجد بيان التحريم لذا نحكم بالبراءة ، ودعوى انه لا ملازمة بين عدم الوجدان وعدم الوجود ممنوعة بانه لو لم تكن ملازمة بينهما لما صح الاستدلال بها على رد اليهود وقد يشكل على ذلك بان العدول من عدم الوجود الى عدم الوجدان لا يدل على المطلب بل فيه إشعار للمطلوب وهو ممنوع. إذ كل شيئين متلازمين إذا انيط الحكم