فمع تأخر الشك وعدم العلم عن التكليف الواقعي لا يعقل ان يكون موضوعا لعدم التكليف الواقعي فلا يمكن تعلق الرفع الحقيقي بايجاب الاحتياط إلا بنحو العناية ولا يتوهم ان ايجاب الاحتياط من آثار الحكم الواقعي وإنما هو حكم ينشأ في قبال الواقع ناشئ عن ارادة واقعية في قبال انشاء الحكم الواقعي وإنما جعل حفظا للواقع وطريقا له ، بل ربما يقال ان رفع ايجاب الاحتياط في ظرف الشك بالواقع إنما هو دفع لمقتضيات الاحكام فيكون رفعه بالعناية رفعا للحكم الواقعي. كما أنه يمكن ان يكون رفع إيجاب الاحتياط رفعا للمؤاخذة والاستحقاق وإلى ذلك يرجع القول بان المرفوع فيما لا يعلمون جميع الآثار لا خصوص الأثر المناسب الذي هو ايجاب الاحتياط.
وبما ذكرنا يمكن الجمع بين القولين. أي قول من يقول بالأثر المناسب وهو إيجاب الاحتياط والقول برفع جميع الآثار إذ الرفع متوجه الى ايجاب الاحتياط وبايجابه ترتفع بقية الآثار كالمؤاخذة والاستحقاق.
وقد عرفت منا سابقا ان نسبة الرفع الى ما لا يعلمون كان بنحو العناية والتجوز من غير فرق بين الشبهات الموضوعية والحكمية.
ودعوى اختصاصها بالشبهات الموضوعية كما ذكره الشيخ الانصاري (قده) لوجهين :
الاول ـ من ان المحافظة على السياق يقتضي كون المراد من (ما لا يعلمون) خصوص الشبهة الموضوعية لارادة ذلك من الموصول في (ما اكرهوا وما لا يطيقون وما اضطروا) وذلك يعين كون المراد من الموصول في (ما لا يعلمون) هو الفعل المشتبه العنوان كالشرب الذي لم يعلم كونه شرب خمر او شرب خل فلو اريد من الموصول فيما (لا يعلمون) الحكم لزم اختلال السياق فوحدة السياق تقتضي الاختصاص في الشبهة الموضوعية.