ولو كان بايجاب الاحتياط في ظرف الجهل من باب الامتنان منه تعالى ولا يشمل رفع الحكم الواقعي لظهور ان حجب علمه كان بنحو العلية للوضع فهو متأخر عن الحكم الواقعي فكيف يكون رافعا له إلا ان هذا الحديث بهذا التقريب يختص بما يكون الحجب عن الحكم الواقعي واقعا ولا يشمل غيره إلا بعدم القول بالفصل إلّا ان يقال بان الحجب في الحديث إنما هو في مقام التكوين بمعنى انه بسبب الامور الخارجية فحينئذ لا يختص بما ذكر كما ان الوضع
__________________
المطلق فانه ينسب الى الموجود المطلق فان الفاعل الذي منه الوجود منحصر في واجب الوجود دون الفاعل الذي به الوجود فانه غير منحصر في شيء ولكن الفعل المحدود يلحظ باعتبار ترتب الاثر فتارة يكون الاثر بقصر ربوبي فلذا ينسب الى ما منه الوجود كقوله تعالى مخاطبا نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) واخرى يلاحظ فيه جهة الخلوص ويقع قريبا فينسب له تعالى كقوله تعالى : (وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) وقوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) وربما يلاحظ جهة الماهية والدنو فلذا ينسب الى نفس الشخص كقوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) كما انه ربما يلاحظ طبيعة الوجود فينسب الى ما منه الوجود كقوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فالمسبب الصادر من الاسباب الطبيعية ان كان بلحاظ الاطلاق فينسب اليه تعالى إذ هو المحيي والمميت والضار والنافع بخلاف ما لو صدر من اشخاص يغلب جهة الماهية فانه لا ينسب اليه تعالى بل ينفى عنه وما اختفى بسبب الظالمين لا ينسب اليه تعالى ، وإنما هو منسوب اليهم كنسبة الكتمان الى العباد في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ) ولم ينسب اليه تعالى ، وبهذا يجاب عن شبهة الجبر بان يقال ما نسب الى الله تعالى بلحاظ ما منه الوجود وما نسب الى العبد بلحاظ ما به الوجود.