كل واقعة لا بد لها من حكم ولو كان هو الاباحة فنقول ان العلم الاجمالي بوجود تكليف في كل واقعة ، الحاصل من خطبة حجة الوداع إلا ان هذا العلم الاجمالى لا يمنع من جريان الاستصحاب لعدم تنجزه من جهة كون احد اطرافه لا اثر له ومتى كان كذلك يسقط العلم عن المنجزية فيجري الاستصحاب بلا معارض.
والتحقيق ان يقال : ان الحجب تارة يراد منه المنع واخرى يراد منه الستر وعلي الاول يكون التجوز في الكلمة ، وعلى الثاني يكون التجوز في الاسناد ولم يكن تجوزا في الكلمة وعليه قد استعمل الحجب في معناه الحقيقي وهو الستر وإنما التجوز في اسناد الحجب الى العلم لان الستر حقيقة إنما يكون عن امر مفروغ الوجود ثم ستر ، والعلم غير قابل للستر بعد وجوده إذ العلم إذا وجد برز ولا يكون محجوبا فنسبة الحجب اليه لا بد وان تكون بنحو التجوز.
وبالجملة ان اسناد الحجب اما ان يكون المراد من حجب العلم منع مقتضيه فيكون من قبيل التجوز في الكلمة حيث استعمل الحجب بمعنى المنع ، واما ان يراد به ابداء المانع بعد وجود المقتضي فيكون من قبيل التجوز في الاسناد أى في اسناد الحجب الى العلم.
اذا عرفت ذلك فاعلم ان الحديث على الأول يخرج عن الاستدلال به على البراءة لانه يكون متعرضا للاحكام غير البالغة الى حد الفعلية وليست تلك الاحكام موردا للنزاع بين الاخباريين والاصوليين إذ من المسلم عند الجميع عدم وجوب التعرض لها ، وعلى الثاني يتم الاستدلال به للبراءة والظاهر حمل الحديث على الوجه الثاني بل قد عرفت منا سابقا انه المتعين ان الحجب لا يمنع فعلية تلك الاحكام لفرض كونه متأخرا عنها على انه لو سلمنا حمله على الوجه الاول فنقول : ان المنع كما يكون مقتضاه المنع عن الفعلية فيخرج الحديث عن مقام الاستدلال للبراءة كذلك يصلح ان يكون مقتضاه المنع عن لزوم رعاية التكليف بعد كونه فعليا كما