ومما ذكرنا من عدم التعارض بين مفاد الامارة ومفاد الاصل يتضح لك
__________________
فكل واحد منهما له دليل تعبدي إلا ان التعبد بمؤدى اليد يكون رافعا لموضوع الاستصحاب وهكذا استصحاب السببي والمسببي ولذا استشكل شيخنا الانصاري (قده) في تقديم استصحاب السببي على المسببي حيث ان كل واحد منهما دليل تعبدي دل عليهما دليل واحد ، وقد أجاب عن ذلك على ما سيأتي في مبحث الاستصحاب وبالجملة بالنسبة الى الحكومة ليس بمجرد صدور التعبد يكون رافعا لموضوع الآخر ، بل التعبد بالمؤدى شرعا ولذا يرى الرائي بينهما المعارضة وبالتأمل ولحاظ التعبد بالمؤدى يوجب الحكم بالتقديم.
واما امتياز الحكومة عن التخصيص فنقول انك قد عرفت ان التخصيص عبارة عن سلب الحكم عن بعض افراد الموضوع من دون تصرف في الموضوع أو الحكم والحكومة عبارة عن تصرف في الموضوع او المحمول بمدلوله اللفظي وبعبارة اخرى ان ملاحظة العام والخاص إنما هو على نحو التعارض والتنافي ، والعقل لما رأى التعارض بينهما فلا بد له من التصرف في احدهما والخاص لما كان اقوى فيقدم على العام ويجعل حكم العام منصرفا عن الفرد المخصص وهذا التصرف عقلي فلو فرضنا كون هذا التصرف مدلولا لفظيا لكان مفاده هو الحكومة فهي عبارة عن التصرف في ناحية الموضوع أو في ناحية المحمول بمدلوله اللفظي. اما التصرف الذي هو في ناحية المحمول فليس له نظير سوى قاعدة لا ضرر فان لا ضرر من العناوين الثانوية والمراد هو ان الحكم الضررى لم يجعل في الشريعة ومن هنا تعلم ان تقديم لا ضرار على ادلة الاحكام من باب الحكومة لا من باب التخصيص وان كانت بحسب النتيجة الحكومة مع التخصيص يتحدان ، واما التصرف في عقد الوضع فله امثلة في الفقه كثيرة مثل لا شك لكثير الشك ولا سهو للامام مع حفظ المأموم ولا شك في النافلة ونحو ذلك ، ثم لا يخفى ان