لسانها كذلك حيث قال عزّ من قائل بلفظ نسائكم وكذلك بناتكم ، أخواتكم ، وأمهاتكم ففي كلّ منها كان الانتساب موجبا للحرمة فتكون ام زيد مثلا حرام على زيد ، ففي ما ورد في الآية كانت الاضافة والانتساب وهذا ما قلنا من أنّ في هذا القسم من الجوامد يجري النزاع ولا يجري في غيره من الجوامد.
ثم إنّه بعد ما فهمت نظر فخر المحقّقين رحمهالله اعلم أنّه قد يقع الكلام ويتوهم بأنّ فيما أرضعت الزوجتان الكبيرتان الزوجة الصغيرة لا وجه لتفرّع حرمة خصوص المرضعة الثانية وعدم حرمتها بالنزاع المعروف في المشتق ، بل كما أنّ حرمة المرضعة الثانية وعدمها متفرّع على هذا النزاع كذلك تقول في المرضعة الاولى بتوهّم أنّه بمجرّد حصول الرضاع كما تحصل الأمّيّة كذلك تقطع الزوجية ، فلو كان المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدإ فلا تكون المرضعة الاولى محرّمة ؛ لأنّ بمجرّد الرضاع مضى عن الصغيرة علقة الزوجية لأنّها بذلك صارت بنت الزوج فلا يصدق على المرضعة الاولى أنّها ام زوجته ، ولكن لو كان المشتق حقيقة في الأعم فللنزاع مجال.
وقد يقال في دفع هذا التوهّم بأنّ الفارق بين المرضعة الاولى والثانية هو النصّ ففي الاولى النصّ يحكم بحرمتها بخلاف الثانية فلا نصّ فيها ، فيجري فيها النزاع. وفيه أنّ هذا الكلام فاسد ، إذ هذا الحكم ليس لأجل ورود النصّ بل يكون الحكم على القاعدة فلا فرق بينهما.
وقال شيخنا الاستاذ رحمهالله في الدرر : أنّه بعد ما حصل الرضاع فالحكم بحرمة المرضعة الاولى فقط أو الصغيرة فقط ترجيح بلا مرجح ، لأنّ المرضعة الأولى كما صارت بالرضاع ام الزوجة كذلك الرضيعة صارت الربيبة بذلك ، فلا بدّ من الالتزام بحرمة كليهما ، ويستفاد من كلامه أنّ في المرضعة الثانية الحكم بحرمتها وعدم حرمتها مبني على النزاع في المشتق.