وأمّا الكلام في الأصل العملي ، فلو كان في البين حالة سابقة فلا إشكال في مجرى الاستصحاب مثلا لو كان زيد سابقا مجتهدا ، ولأجل ذلك كان واجب الإكرام ، ثم زال عنه ملكة الاجتهاد فوقع الشكّ في أنّه يجب إكرامه أم لا ، فيجري الاستصحاب ويحكم بوجوب إكرامه ، وأما لو لم يكن في البين حالة سابقة فلو كان التكليف ثابتا وكان الشكّ في المسقط يكون المورد مورد قاعدة الاشتغال ، مثلا قال : «أكرم عالما» وكان زيد عالما سابقا ولكن فعلا ليس بعالم فوقع الشكّ في أنّ العالم هو من كان متلبسا فعلا بالعلم أو الأعمّ منه وعمّا انقضى ، فلو كان الأوّل فلو أكرم زيدا لا يحصل الامتثال ، لعدم كونه فعلا متلبسا بملكة العلم ولو كان الثاني فبإكرام زيد يحصل الامتثال لأنّه أيضا كان عالما ولو سابقا ، ففي هذا المورد تجري قاعدة الاشتغال ولا بدّ من إكرام من يكون فعلا متلبسا بالعلم حتى يقطع بحصول الامتثال وفراغ الذمة.
وأمّا لو لم يكن كذلك ، بل يكون الشكّ في الأقلّ والأكثر فيكون المورد مورد البراءة مثلا قال : «أكرم العلماء» وتعلّقه بالعالم الفعلي مسلّم ، ولكن يشكّ في أنّه هل يجب علاوة على العالم المتلبس بالعلم فعلا إكرام من انقضى عنه ملكة العلم وليس فعلا فيه الملكة ، أم لا؟ فيكون في البين معلوم ومشكوك ، ففي الزائد تجري البراءة فيجب إكرام خصوص المتلبس بالعلم وفي غيره بمقتضى البراءة يرفع عنه التكليف. فظهر لك أنّ الموارد مختلفة بحسب جريان الأصل. هذا تمام الكلام في الأصل اللفظي والأصل العملي.