الأولى : الحكم بالاتحاد ، والثانية : في نفس هذا الاتّحاد ، والثالثة : التلبس ، مثلا إذا قال المتكلم : «زيد قائم» ففي هذه القضية أوّلا حكم باتّحاد القيام مع زيد وثانيا نفس اتّحاد القيام مع زيد وثالثا التلبس ، فمن هنا يظهر أنّ المراد من الحال هو أيّ حال ، هل هو حال اتحادهما؟ أو حال تلبس الذات بالمبدإ أو حال الحكم؟ لا إشكال في أنّ المراد هو حال الحكم من الحال الذي هو مورد البحث ، لأنّه في هذا الموضع ينبغي أن يقع النزاع بأنّ المشتق حقيقة في خصوص المتلبس في حال الحكم ، أو أعمّ منه وعمّا انقضى. فظهر لك أنّ المراد هو حال الحكم ولا حاجة الى الكلام أزيد من هذا.
المقدمة الخامسة : هل يكون في المقام أصل حتى لو شكّ فيما هو حقيقة يرجع اليه ، أم لا؟
فنقول بعونه تعالى : إنّ الأصل الذي نتكلّم فيه تارة يكون المراد والغرض منه الأصل اللفظي ، وتارة نتكلم في الأصل العملي ، أمّا الأصل اللفظي فاعلم أنّه يختلف بحسب اختلاف المورد ، فلو كان العام الوارد لسانه إثبات الحكم مثلا ورد «اكرم العلماء» ثم ورد التخصيص بالفسّاق ، ثم شككنا في أنّ الفساق عبارة عمّن يكون فاسقا فعلا أو الأعمّ منه وعمّا انقضى فتكون الشبهة شبهة مفهومية ، فلا إشكال أنّ مورد الشكّ يكون المرجع هو العام ، وما يخرج بمقتضى التخصيص ليس إلّا المتيقّن وهو الفاسق الفعلي.
ولو كان لسان العام النفي مثلا قال : «لا تكرم الفسّاق» ووقع الشكّ في أنّ الفاسق هو الفاسق الفعلي أو الأعمّ ، فلا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن والقول بحرمة إكرام خصوص الفاسق الفعلي فليس في المقام أصل لفظي له ضابطة كلّية ، بل يختلف بحسب الموارد ، فلا بدّ من حساب كلّ مورد حتى يظهر ما هو مقتضى الأصل. هذا كلّه بحسب ما يقتضيه الأصل اللفظي.