ويبعثه على ذلك ، فكما أنّ في الخارج بنفسه يجلسه كذلك يأمره بالجلوس ويبعثه نحو الجلوس وهذا واضح ، إذ الأمر للتحريك.
ولا يخفى أنّه على ما قلنا من أنّ معنى الأمر هو البعث لا يرد الاشكال الذي كان واردا في الصورة التي يمكن أن يكون مدلول الأمر هو الطلب ، إذ اورد على من قال بأنّ مدلول الأمر هو الطلب أنّه إذا كان الموضوع له الأمر هو الطلب ففي الأوامر الامتحانية ما ذا تقول؟ إذ لا يكون في الأوامر الامتحانية طلب حقيقة ، فاذا لاجل الفرار عن هذا الإشكال تصور الطلب الإنشائي في مقابل الطلب الحقيقي ، وقد ظهر لك بطلانه.
وأمّا على ما قلنا من أنّ مدلول الأمر هو البعث لا يرد هذا الإشكال ، إذ في الأوامر الامتحانية أيضا يكون البعث موجودا ، غاية الأمر يكون داعيه على البعث هو الامتحان ، فيكون البعث حقيقة ، وقال المحقّق المذكور في مطاوي كلماته في الطلب والارادة أنّه يمكن أن يرفع النزاع في البين. ولا يخفى ما فيه ، إذ هذا النزاع كان بين الأشاعرة وبين المعتزلة والإمامية من القديم ، وكيف يمكن ارجاع كلامهما الى محل واحد؟ إذ الأشاعرة حيث رأوا أنّ الله إذا أراد شيئا يمكن أن يتخلف المراد عن إرادته ، ومع ذلك أمر ونهى وبعض الناس عاص ولم يفعل ما امر به ، فعلى هذا التزموا بانه تكون صفة اخرى في مقابل الارادة الذي يكون هو الطلب ومن هذا نشأ الاختلاف المعروف الجبر والتفويض فكيف يمكن الصلح بينهما؟ فافهم.