المكلّف. فعلى هذا بعد ما ثبت أنّ تفويت الشارع المصلحة على المكلّف كان قبيحا يلزم بحكم العقل جبرانه ، فالشارع بعد أمره بسلوك هذا الطريق إن وصل المكلف للواقع فقد أدرك مصلحة الواقع ، وإن لم يصل الى الواقع يلزم عليه جبران المصلحة فتكون المصلحة في السلوك وعائدة على المكلّف.
ولكن يظهر من بعض نسخ الرسائل معنى آخر للطريقية ـ ولعلّه يكون من زيادة الكاتب ـ وهو أن تكون المصلحة في نفس الأمر بمعنى بعد أن كان تفويت مصلحة المكلف قبيحا على الشارع لم يجز عليه هذا التفويت ، إلّا أنّه يمكن أن تكون مصلحة أقوى في الأمر بالسلوك ، فأمر الشارع بالسلوك كما ترى أنّك إذا ترى أنّ فعل شيء كان قبيحا من جهة إلّا أنّ في تركه كان مفسدة زائدة وكان أقبح ، فبعد الكسر والانكسار يفعله ، فمع كون فعل الشيء قبيحا يمكن أن يفعله لدرك مصلحة أقوى ، فعلى هذا مع كون التفويت قبيحا وأنّ في الفعل كان القبح مع ذلك إذا كان في ترك الأمر قبح أزيد وفي الأمر مصلحة أقوى يمكن أن يأمر بسلوك الطريق.
ففرق الوجهين أنّ في الأوّل لا يكون تفويت أصلا ولم يكن في الأمر بالسلوك قبح أصلا ، حيث إنّ الشارع تدارك المصلحة الفائتة ولم يفوّت على المكلّف مصلحة إلّا أنّ في الثاني يكون الفعل والأمر بالسلوك من أجل التفويت قبيح ، ومع هذا أمر به الشارع لمصلحة أقوى في الأمر ولم يكن في الثاني مصلحة عائدة على المكلّف وفات على المكلّف المصلحة إلّا أنّ المصلحة تكون في الأمر لا يكون هذا التفويت قبيحا ، وهذا الوجه الثاني وإن كان في بعض نسخ الرسائل عبارة توهم أنّ الشيخ أعلى الله مقامه قال به ، إلّا أنّه صرّح غير مرّة أنّ مراده من الطريقية هو المعنى الأوّل فلعلّ المعنى الثاني يكون من زيادة الكاتب عبارة موهمة لذلك ، فافهم. هذا كلّه في الطريقية.
وأمّا إن قلنا بحجّية الأمارات من باب الموضوعية فنقول : قد قالوا في معنى