ويكون درك المصلحة الفائتة ملزمة فلا يكون مجزيا.
فعلى هذا ما الفرق بين الأمارات والاصول؟ ولمّا فرق بينهما قد يتوهّم كما توهّم قسم كبير من تلاميذه وغير تلاميذه هو أن يكون وجه الفرق أنّ في الاصول هو جعل المماثل فحيث إنّ الشارع جعل الاستصحاب حجّة يكون معناه أنّ الحكم الاستصحابي يكون كالحكم الواقعي مثلا في استصحاب الطهارة تكون الطهارة الاستصحابية مثل الطهارة الواقعية ، فعلى هذا يوجب الإجزاء وفي الأمارات يكون معنى حجّيتها غير ذلك ولم يكن من باب جعل المماثل.
نعم على السببية في مورد الوفاء بالمصلحة أو مورد آخر الذي نقول بالإجزاء تكون نتيجتها كالاصول فهذا المعنى يكون الفرق هو أنّ في الاصول يكون جعل المماثل وفي الامارات لم يكن كذلك ، بل تكون ناظرة الى الواقع ففي الاصول يكون مجزيا وفي الأمارات لم يكن مجزيا إلّا على السببية في بعض صورها.
ولا يخفى ما في هذا الفرق ، إذ لو كان مراد المحقّق الخراساني هذا يمكن أن يقال بأنّه ما الفرق بين الاصول والأمارات من حيث الدليل ، فكما يكون في الاصول مقتضاه هو جعل المماثل فكذلك تقول به في الأمارات كما يكون كذلك؟ فلا بدّ أن نرجع كلامه الى غير هذا.
ثمّ إنّ ما قاله آية الله النائيني مدّ ظلّه على ما في تقريرات تلميذه العالم البارع الخوئي ايّده الله تعالى من الإشكالات ثم جوابه ، فقد قال في تقريراته : بقي الكلام في الاصول العملية كأصالة الإباحة والطهارة بل واستصحابهما وأنّ مقتضى القاعدة في فرض المخالفة فيها هل هو الإجزاء أو عدمه؟ ربّما يقال : بأنّ لسان أدلّتها هو تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن وترتيب آثاره عليه فتكون لا محالة حاكمة على الأدلّة الدالّة على اشتراط الصلاة مثلا بالطهارة ، فتكون معممة للشرط وأنّه أعمّ من الواقعي والظاهري فكشف الخلاف لا يكون كاشفا عن عدم وجود الشرط حين العمل حتى