الأمر الأمر الموجود إمّا يكون موجودا حقيقة وإمّا أن يكون موجودا فرضا ، وعلى كلا التقديرين لا يلزم التعليق في الإنشاء ، إذ الإنشاء على الأمر موجود والموجود أيضا أمر موجود. هذا كلّه يكون في مقام اللب.
وأمّا القضية فنقول : قال النحويون : إنّ أداة الشرط وضعت لثبوت حكم التالي للمقدّم معلّقا بهذا الشرط ، يعني إذا قال : (إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود) يخبر عن ثبوت موجودية النهار على تقدير طلوع الشمس ، وأنّ الحكم بموجودية النهار موقوف على طلوع الشمس ، وكذلك الإنشاء ، فإذا قال : (إن جاءك زيد فأكرمه) يعلّق المتكلم وجوب الإكرام على مجيء زيد فلا يجب الإكرام قبل مجيء زيد ، وهذا واضح.
ولا شبهة في أنّ القضية الشرطية تكون مركبة من قضيتين وأدوات الشرط تكون لارتباط القضيتين وأنّ الثبوت أو النفي في أحدهما معلّق على الاخرى ، مثلا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود تكون قضيتين الاولى الشمس طالعة والثانية النهار موجود ، فاذا صارت القضية شرطية كان معناها أنّ النهار لم يكن موجودا مطلقا ، بل يكون موقوفا معلّقا على طلوع الشمس ، فما لم تطلع الشمس لم يكن النهار موجودا.
فظهر لك ممّا قلنا أنّ ظاهر القضيّة الشرطية تعليق الحكم وأنّ الحكم يكون معلّقا ، فإذا يدلّ على أنّ فيما كان شيء واجبا على تقدير شيء يكون وجوبه على هذا التقدير ، وعلى غير هذا التقدير لم يكن واجبا فلا وجوب قبل حصول الشرط أصلا ولا حكم لا أن يكون وجوب فعلا ولكن يكون الواجب غير فعليّ.
ولا يخفى أنّ الشيخ عليه الرحمة كما ذكر بعض مقرري بحثه اعترف بأنّ الظاهر من القضية ما قلنا ولكن إشكاله يكون في اللب وأنّ القيد يكون لبّا راجعا الى المادة ، ولكن على القول بكون الحكم عبارة عن الإرادة لا يمكن الذبّ من هذا الإشكال ،