الأوامر الشرعية حيث إنّ في الأوامر الشرعية ليس الغرض هو صرف وجود المأمور به في الخارج ، بل الغرض قد يكون هو إتمام الحجّة أو الامتحان ، فبناء عليه يمكن أن يعلم الشارع بعدم إتيان المكلّف المأمور به في الخارج ومع هذا يأمره لأجل الامتحان أو إتمام الحجّة.
ويؤيّد قولنا من الفرق بين الأوامر الشرعية والأوامر العرفية توجّه التكليف الى الكفار والعصاة ، والحال أنّ الشارع يعلم بأنّ هذا العاصي والكافر لا يأتي بالمأمور به ، ولكن مع ذلك يأمر به ، ووجهه هو ما قلنا من أنّ المقصود في أمر الشارع ونهيه ليس إيجاد المأمور به فقط ، بل يمكن ان يكون غرضه الامتحان أو إتمام الحجّة وإلّا إن كان غرض الشارع هو إتيان المأمور به في الخارج يلزم أن يكون الأمر والنهي الى العصاة والكفار لغوا ، ولا يمكن صدور اللغو عن الشارع.
والمقصود من ذكر هذه المقدمة هو أنّه إن ترى فرضا وقوع الترتّب في العرضيات لا تتوهّم أنّ الترتّب يمكن في الشرعيات أيضا ، لما ذكرنا من الفرق بينهما ، بل يمكن أن يقال : إنّه لو كانت الشرعيات كالعرفيات أيضا لم يكن مفيدا للقائل بالترتّب حيث إنّه يخرج عن محلّ النزاع.
بيانه : أنّه إذا ترى في العرف أنّ شخصا أمر بإتيان الماء وقال : إن تعص وتخالف أمري فات بالخبز مثلا يكون غرضه إتيان الماء وفي صورة عصيان هذا الأمر تعلّق أمره بإتيان الخبز ، فحقيقة أسقط أمره الأوّل وأمر بإتيان الخبز ولا يكون بعد عصيان الأمر الأوّل غرضه متعلّقا به أيضا ، فليس هنا أمر ، وهذا بخلاف محلّ النزاع في الترتّب ؛ لأنّ النزاع فيما إذا كان الأمران باقيين وفي ظرف عصيان الأمر الأوّل يكون الأمر باقيا ، فلو فرضنا الأمر الثاني في هذا الظرف يلزم الاجتماع أيضا ، وهو محال.
فظهر لك أوّلا أنّ قياس الأوامر الشرعية بالأوامر العرفية يكون قياسا مع