فعلى هذا ما نحن فيه لو كان معنى الإطلاق أنّ في فرض الوجود وفي فرض العدم يكون الحكم باقيا يلزم منه اجتماع النقيضين وتحصيل الحاصل ، ولكن لم يكن كذلك ، بل يكون معنى إطلاق الحكم عدم لحاظ شيء في متعلّقه سوى الذات ، فإذا كان كذلك نقول بأنّ في فرض عصيان الأمر الأهم يكون الحكم باقيا بملاحظة أنّ الذات تكون في هذا الظرف أيضا ، فمع كون الحكم باقيا وكون حكم المهم في هذا الظرف أيضا يعود المحذور ويلزم اجتماع النقيضين وتقع المطاردة.
فقد ظهر لك أنّ الحكم إذا كان على الطبيعة يسري في تمام أفراده بما هو فرد لها ، ففي كلّ الحصص يكون سريان الحكم بملاحظة الحصة لا بملاحظة ما يلازمه ، فإذا وقع حكم على الإنسان يسري الحكم الى جميع أفراده وكل ما كان حصّة له فالحكم في الإنسان الطويل لم يكن بملاحظة طوله بل يكون بملاحظة كونه فردا للإنسان ، وهذا معنى الإطلاق الذاتي.
ففي ما نحن فيه أيضا يكون كذلك فالحكم الايجابي الذي يكون في الصلاة يسري في تمام أفراده ومن جملتها هذا الفرد الذي عصى المكلّف ، فالحكم في صورة العصيان يكون باقيا فلا يمكن حكم آخر ولو مشروطا في هذا الظرف.
فظهر لك أنّ ما قال المستدلّ في هذه المقدمة لم يكن في محلّه أيضا ، وظهر لك أنّ منشأ توهّم المستدلّ هو الخلط في معنى الإطلاق ، وتوهّم أنّ الإطلاق يكون هو التصريح بالقيد فقال : إذا لم يمكن التقييد لم يمكن الإطلاق ، وقد أثبتنا لك أنّ هذا في الإطلاق اللحاظي ، ولا يلزم هذا في الإطلاق الذاتي ، وحيث إنّ المتوهّم توهّم التوهّم المذكور قال في التعبدي والتوصلي في ردّ كلام الشيخ أعلى الله مقامه هذا الكلام ، وقد قال الشيخ بأنّه بعد ما لم يكن الأمر مقيّدا بالتعبدية نحكم بمقتضى الإطلاق بأنّ الأصل في مورد الشك هو التوصلية.
وقال المتوهّم في جوابه : إنّ من عدم التقييد لا نكشف الإطلاق ، حيث إنّ