مشروط بإرادة المكلّف فإذا عصى المكلّف لم يمكن تأثير الأمر الأهم ، فإذا أمكن تأثير الأمر المهم حيث يكون بلا مانع فإذا حيث كان الأمر الأهم مشروطا بإرادة المكلّف لا مانع من الأمر المهم هنا.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذا الكلام لم يكن مفيدا في ما نحن فيه حيث إنّ المقتضيات الخارجية تكون على قسمين : فتارة تكون مزاحمتهما في الأثر كما أنّ مقتضى الحرارة تزاحم مقتضى البرودة في أثرهما وهو الحرارة والبرودة ، وتارة يكون المقتضيان بينهما تزاحم في حدّ ذاتهما مع قطع النظر عن الأثر. فعلى هذا لو كانت المزاحمة من قبيل الأوّل صحّ ما قالوا ، حيث إنّ كلّ واحد من الأثرين إذا كان أقوى من الآخر يؤثّر أثره ولا يمكن تأثير الآخر ولكن لو كان التزاحم في المقتضيين مع قطع النظر عن الأثر فلم يكن الإشكال من ناحية الأثرين ، بل ولو فرضنا عدم المزاحمة في الأثر لا يمكن حصول المقتضيين ، لأنّ في آن واحد كيف يمكن اقتضاء شيئين متباينين؟!
ومحلّ الكلام يكون هكذا فإنّ الأمر لا يمكن له اقتضاءان متباينان في زمان واحد ، وهذا معنى أنّ تكليف المحال في حدّ نفسه قبيح لعدم تمشّي إرادة الضدّين من طرف المولى في زمان واحد ، فعلى هذا مع فرض بقاء الأمر الأهم كيف يمكن تصوير الأمر المهم؟ فافهم.
وقد قال بعض بأنّ الترتّب واقع في الشرعيات ، فبعد وقوعه لا مجال للنزاع في إمكانه ومثلوا بأمثلة كثيرة.
منها : أنّ في مورد تكون الإقامة محرّمة لشخص ويجب عليه السفر وخالف ولم يسافر ، فمع هذا يجب عليه الصوم الواجب ، وهذا لا يمكن تصويره إلّا على القول بصحّة الترتّب وإن لم نقل به فلا مجال لصحّة الصوم ، حيث إنّه ضدّ للسفر الواجب ، فصحّة الصوم ملازمة لإمكان الترتّب ووقوعه.