ولكن هذا اشتباه ، فإنّ في المثال المتقدّم حيث كان دائرة وجوب السفر ضيقا لم يكن له مجال المزاحمة مع الصوم ، لأنّه لو كان وجوب الصوم مطلقا يجب عليه الاقامة ولا يجوز عليه السفر ، فإنّه لو نذر شخص أن يصوم يوما معينا يلزم عليه الاقامة. فعلى هذا لم يكن في موضوع الصوم أمر السفر أصلا حتى يقال : إنّ الصوم مترتّب عليه ، بل دائرة وجوب السفر مضيّق بالنسبة الى الصوم ، فلم يكن بينهما مزاحمة أصلا ولم يكن من قبيل الترتّب.
ثم إنّه على تقدير القول بالترتّب لا بدّ من الالتزام بالعقابين في المورد الذي لم يأت المكلّف لا بالأهم ولا بالمهم ، فإنّ العقاب ترتّب على ترك الأمر وعصيانه والمفروض أنّه على القول بالترتّب يصحّ ورود الأمرين فيلزم العقابين ، والحال أنّه لم يمكن الالتزام بهذا ، حيث إن المكلّف لم يكن قادرا على امتثال الأمرين.
وقد يظهر من تقريرات النائيني أعلى الله مقامه أنّه يمكن الالتزام بالعقابين في مورد ترك الأمرين وقال في وجهه أنّ العقاب يكون لأجل التمكّن من ترك العصيان ، فإذا كان المكلّف متمكّنا من ترك العصيان ومع هذا عصى يمكن عقابه ، لانه كان متمكّنا من ترك العصيان.
ففي المقام حيث إنّ المكلّف يتمكّن من اتيان الأهم وترك عصيانه يصحّ عقوبته بالنسبة الى الأهم والمهم أمّا عقابه بالنسبة الى الأهم فلأجل تركه ، وأمّا عقابه على المهم فلأجل أنّه كان متمكنا من الإتيان بالأهم كي لا يتوجّه عليه الأمر المهم ، فإذا كان متمكّنا من عدم عصيان الأمر المهم ولو بعدم حصول شرطه يصحّ عقابه على هذا.
ولا يخفى عليك أنّ هذا الكلام فاسد جدا ؛ لأنّ العقاب في كلّ الموارد لا يكون على ترك الامتثال حيث إنّ الآمر ما يطلب من المكلّف يكون الامتثال ، فالعقاب يكون على ترك الامتثال ولا يكون على التمكن من ترك العصيان ، وما هو شرط هو