القدرة على الامتثال ، فإن كان الامتثال مقدورا للمكلّف ومع هذا تركه يكون معاقبا على ترك الامتثال وإلّا إن التزمنا بأنّ العقاب يكون على التمكن من ترك العصيان يلزم أن يكون التكليف بكلّ المحالات إذا شرطها بأمر ممكن جائزا.
مثلا يكون الطيران في الهواء محالا ولا يجوز الأمر به ولكن لو قال : (طر الى الهواء لو صعدت على السطح) فإنّ في هذا المثال ولو أنّه لا يمكن للمكلّف الطيران في الهواء ولكن يمكن له عدم الصعود الى السطح ، فحيث إنّه يتمكن من ترك الصعود إلى السطح ولم يترك يصحّ عقابه بعدم إتيان المأمور به وهو الطيران ، وكيف يمكن الالتزام بهذا؟! فتلخّص لك أنّ العقابين غير معقولين ، ومع هذا لو قال أحد بالترتّب لا بدّ من أن يلتزم بتعدّد العقاب.
واعلم أنّه لو كان الترتّب ممكنا لا يكون في مقام الاثبات والوقوع محتاجا الى دليل آخر فإنّ المفروض أنّ المانع يكون هو عدم إمكان فعلية الأمرين على القول باستحالة الترتّب لأجل التزاحم ، وأمّا على القول بالترتّب لو كان أحد الأمرين مشروطا تنتفي المزاحمة.
وبعبارة اخرى القائلون بعدم إمكان الترتّب حيث يرون أنّ في المقام يكون الأمران ولا يمكن حفظهما فقالوا بأنّه لا بدّ من أن لا يكون أحدهما فعليا ، وأمّا القائل بالترتّب يقول بأنّ المانع من توجه الأمرين هو إطلاقهما ، فإذا ترى أنّ في المقام يكون أمران بالضدين فمن حيث إنّه لا يمكن الجمع بينهما لا بدّ لنا أن نرفع المزاحمة بينهما ، ففي المقدار الذي تكون المزاحمة بينهما لا بدّ من الرفع عنهما وما يرفع المزاحمة به هو جعل أحدهما مشروطا فلو جعلنا أحدهما مشروطا لا مانع من توجه الأمرين ، فبعد عدم المانع من توجههما يكون الأمران باقيين بحالهما ، غاية الأمر أحدهما مشروط بترك الآخر فالأمران بعد ما لم يكن مانع بينهما لا بدّ لهما من التأثير فلا يكون محتاجا الى دليل خارج ، فإذا قال : (أقم الصلاة) وقال : (أزل النجاسة عن