الإخبار أو الإنشاء.
فعلى هذا لفظ (لا) دالّ على أنّ البعث يكون نحو الترك فلو صدّقت منّا هذا الكلام يسهل أمر النزاع آخر وهو النزاع المعروف في النهي بأنّ النهي يكون صرف الترك أو يكون مدلوله الكف عن الفعل. فعلى ما قلنا فلفظ (لا) لا يدلّ إلّا على ما يعبر عنه في الفارسي (نه) ، والمادة تدلّ على صرف الطبيعة ، والهيئة على الطلب والبعث ، فتصير نتيجته هو أن لا توجد هذا الفعل فيكون المطلوب صرف طلب ترك الفعل.
ولو فرض أنّه لم تقل بما قلنا من عدم كون (لا) مشتركا لفظيا ولكن مع ذلك لا إشكال في كون مدلول النهي صرف الترك لأنّه كما قلنا تكون المادة والهيئة ولفظ لا دالّة على البعث نحو الترك ، فالكفّ غير مستفاد لا من الهيئة ولا المادة ولا من لفظ (لا).
وما قيل من أنّ مدلول النهي لا يمكن أن يكون الترك ؛ لأنّ الترك أمر عدمي والعدم غير مقدور.
وفيه أنّ العدم باعتبار الوجود قابل للحكم ، فالعدم في الحال تحت اختيار المكلف ؛ لأنّ له أن يطرد العدم ويوجد وله الابقاء ، وهذا معنى القدرة ، وهذا واضح.
ثم إنّ المشهور كون النهي مفيدا للتكرار والدوام بمعنى كونه مفيدا ودالّا على عدم ايجاد متعلّقه مطلقا مع تسلمهم بأنّ الأمر لا يدلّ على المرّة والتكرار ، بل على التحقيق قالوا بكونه دالّا على البعث نحو صرف الطبيعة ، وليس فيه ما يدلّ على المرّة أو التكرار ، وأمّا في النهي فلم يلتزموا بذلك وقالوا بكون النهي مفيدا للدوام.
إذا عرفت هذا يرد إشكال وهو أنّكم مع التزامكم في الأمر بأنّ متعلّقه والهيئة لا تدل إلّا على طلب صرف الطبيعة كيف تقولون في النهي بكونه مفيدا للدوام؟ ويكون منشأ الإشكال هو أنّ الطبيعة تارة تلاحظ مهملة وتصير موردا للحكم ،