وتارة يكون لهما الإطلاق حتى بالنسبة الى حكم دليل الآخر مثلا (أنقذ زيدا) له الإطلاق حتى في حال وجوب إنقاذ عمرو وكذلك (أنقذ عمرا) ، أو مثلا يكون الغصب له الإطلاق حتّى في حال وجوب الصلاة فهو حرام حتّى في حال وجوب الصلاة ، وكذلك الصلاة لها الإطلاق يشمل حتى حال حرمة الغصب ، فإن كانا من هذا القبيل فلا يمكن الالتزام بكونهما من باب التزاحم ولو أنّ لهما الإطلاق ؛ لأنّ بعد شمول إطلاق كلّ منهما لحال حكم الآخر نعلم بأنّ هذا غير ممكن ولا يمكن للآمر الطلب كذلك فليس القصور من ناحية المكلف مع كون الجعل تامّا ، بل نعلم بأنّ الجعل غير ممكن بهذا النحو ، إذ كيف يمكن للشارع طلب وجود شيء في الفرد المجتمع مع الآخر مع حرمته بمقتضى الآخر مثلا يطلب ويبعث نحو الصلاة في الفرد الغصبي الذي حرم على المكلف ، فمع الحرمة يوجب؟ فالبعث والتحريك غير ممكن في هذا القسم فلا بدّ من رفع اليد من إطلاق أحد الدليلين.
وتارة يكون لهما الإطلاق إلّا أنّ إطلاق كلّ منهما غير شامل لموضوع الآخر ولا لحكمه ، بل لهما الإطلاق في غير موضوع الآخر وحكمه ففي هذه الصورة أيضا لا يمكن لنا الحكم بكونهما من باب التعارض أو التزاحم ، لأنّا لا ندري بتمامية الملاك يعني ملاك الجهل وعدم تماميته ، فالحكم بكون النسبة بينهما التعارض أو التزاحم غير ممكن لنا ، لأنّا ندري بكونهما متزاحمين أو متعارضين.
ثم إنّك عرفت ممّا بيّنا لك أنّ في مورد التعارض ليس إلّا حكم واحد ، لأنّه ليس إلّا لأحد الدليلين ملاك الحجّية ، وأمّا في باب التزاحم فيكون الحكمان تامّين. فعلى هذا في التعارض لا بدّ من العمل على طبق حكم واحد ، غاية الأمر بمقتضى المرجحات أو الجمع يكشف كون أحد الدليلين هو الحكم المتبع حتى لو غمض النظر عن الترجيح أو الجمع وقلنا بالتخيير ليس إلّا من باب أنّ في البين ليس إلّا حكم واحد ، وحيث لا ندري أيّهما هو هذا الحكم فنحكم بالتخيير.