فرض عدم إطلاق للدليلين ولو فرض خروجه من التزاحم إلّا أنّه يخرج من باب اجتماع الأمر والنهي ، فلو قيل بما قاله المحقّق القمي رحمهالله من أنّ بمقتضى الرواية المعروفة : (جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا) يجوز الصلاة في كلّ مكان ولو المكان الغصبي كما قيل بجواز الوضوء من كلّ ماء ، فيخرج المقام من باب التزاحم ، لخروجه من باب اجتماع الأمر والنهي لعدم حرمة الغصب على هذا في مورد الصلاة ، فافهم.
إذا عرفت ميزان التعارض والتزاحم فلو علم كون الدليلين من باب التعارض فيعامل معهما معاملة التعارض وإن علم كونهما من باب التزاحم فيعامل معهما معاملة التزاحم وإن وقع الشكّ ولا ندري بأنّهما متعارضان أو متزاحمان فما نقول؟
الذي ينبغي أن يقال في هذا الباب : هو أنّ الدليلين إمّا أن لا يكون لهما إطلاق أصلا ، بل يكونان بنحو الإهمال فلا يكونان مطلقين ، بل يكونان مهملين فلا إشكال في ان في هذه الصورة لا يمكن أن يقال بكونهما من باب التعارض أو من باب التزاحم ؛ لأنّ بعد عدم الإطلاق للدليلين فلا يمكن أن يكونا من باب التعارض يعني لم يكونا فعليين وتامّين الملاك ، ويمكن أن يكونا تامّي الملاك ، ويمكن أن لا يكونا لا متزاحمين ولا متعارضين ، لإمكان كونهما حكمين حيثيّين من بعد عدم إطلاق لهما دالّ على شمولهما لكلّ فرد.
وإمّا أن يكون الإطلاق للدليلين :
فتارة يكون لكلّ منهما إطلاق حتى في موضوع حكم الآخر مثلا (أنقذ زيدا) له الإطلاق حتى في حال غرق عمرو وكذلك (أنقذ عمرا) له الإطلاق حتى في حال غرق زيد بحيث كون كلّ منهما بإطلاقه يشمل الموضوع الآخر لا لحكمهما ، ففي هذه الصورة لا إشكال بكون النسبة بين الدليلين التزاحم ؛ لأنّ في كلّ منهما يكون الجعل تامّا ولهما الإطلاق ، ولا قصور من ناحية الجعل ، غاية الأمر أنّ المكلف غير متمكن من الجمع بينهما وكذلك يكون باب الصلاة والغصب.