الموضوعة لنفي الجنس.
والسرّ في ذلك هو أنّ (ليس) إذا كانت ناقصة تحتاج الى الخبر ولم يكن الكلام بدونه تامّا بخلاف (لا) الموضوعة لنفي الجنس فإنه لا تكون محتاجة الى الخبر ، لكن حيث إنّ نفي الطبيعة يكون باعتبار صفة من صفاتها ففي مقام الشرح تشرح كذلك ، فيكون كأنّه خبر في التقدير.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه كما قلنا لا يتعلّق النفي بالطبيعة من حيث هي ، لأنّها ليست إلّا هي فالنفي تعلّق بالطبيعة باعتبار صفة من صفاتها وحيث إنّ أوّل ما يحمل على الطبيعة يكون هو الوجود فعلى هذا لو قال : (لا رجل في الدار) لا يمكن أن يكون النفي بنفس الطبيعة إلّا باعتبار صفة من صفاتها فلا بدّ أن نقول بأنّه لا رجل موجود في الدار ، لأنّ الوجود يكون أوّل ما يحمل. فعلى هذا بعد ما كان النفي باعتبار الوجود فنقول حيث إنّ المتكلّم لم يبيّن أنّ أيّ رتبة من الوجود يكون مراده ، ولو كان مراده فردا خاصا من الوجود كان عليه أن يبيّنه ، فحيث لم يبيّن نحكم بمقتضى مقدمات الحكمة أنّ مراده يكون تمام أفراد الوجود.
فظهر لك أنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم لما قلنا ، ولا مانع من أن يكون استفادة العموم بمقدمات الحكمة لما قلنا سابقا ، وظهر لك أيضا أنّ استفادة العموم من النكرة في سياق النفي لا يكون محتاجا لجريان مقدمات الحكمة في نفس الطبيعة ، لأنّه بعد ما كان الحكم بالطبيعة باعتبار صفة من صفاتها ولا يكون للطبيعة قيد قبل الوجود فيكون المأخوذ نفس الطبيعة لا بشرط ، فلا يكون استفادة العموم محتاجا لجريان مقدمات الحكمة في نفس الطبيعة ، بل لا يكون استفادة العموم محتاجا لمقدمات الحكمة إلّا في الوجود والصفة الطارئة على الطبيعة ، ولو كان نفي الطبيعة باعتبار صفة اخرى من صفات الطبيعة غير الوجود فأيضا لا يكون استفادة العموم محتاجا لجريان مقدمات الحكمة في الطبيعة ؛ لأنّ نفي الطبيعة يكون باعتبار الصفة ،