الظهور محفوظا وحجّة والسرّ في ذلك هو أنّ في مورد التخصيص يكون الحدّ محفوظا بمعنى أنّ العام يكون في حال التخصيص مستعملا أيضا في تمام أفراده ويخرج فرد لأجل التخصيص من الحدّ ، مثلا إذا قلت : (أكرم العلماء) ثم قلت : (لا تكرم زيدا) فالعلماء يكون مستعملا في تمام العلماء والسور وهو الألف واللام أيضا يكون شاملا لجميع أفراد العلماء ، غاية الأمر خرّجت من العلماء زيدا ، فخروج زيد يكون من الحدّ كما تقول العشرة إلّا الواحد فلا إشكال في أنّ العشرة استعملت في معناها ولكن خرّجت منها الواحد وإن لم يكن الواحد داخلا في الحدّ لم يكن الإخراج صحيحا ؛ لأنّ الإخراج يكون فرع الدخول.
فظهر لك أنّ العام مستعمل في معناه ولو في حال التخصيص ، غاية الأمر خرج مورد التخصيص من الحدّ ، وحيث إنّ الخروج يكون من الحدّ ومن سور القضية يكون العام في الباقي مجازا ؛ لأنّ الحقيقة هو ما يكون تمام الأفراد موضوعا وحكما داخلا في الحدّ فمع حفظ الحدّ خروج الفرد يكون سببا لكون العامّ في الباقي مجازا ، ولكن مع هذا يكون حجّة ؛ لأنّ الحجّية لا تدور مع كون العام في الباقي حقيقة ، بل ولو كان العام في الباقي مجازا يمكن أن يكون حجّة في الباقي ؛ لأنّ الظهور محفوظ.
فظهر لك أنّ العام المخصّص يكون حجّة في الباقي سواء كان المخصّص متصلا أو منفصلا ، حيث إنّ في كلّ منهما لم يكن المخصّص سببا لانهدام الظهور والظهور باق وفي مورد التخصيص لم يكن حجّة لأجل التخصيص ، وأمّا في غير مورد التخصيص فيكون العام حجّة وأحسن بيان البيان الذي قال : إنّ المقتضي يكون موجودا والمانع مفقودا ، فظهر لك أنّ العام المخصّص حجّة في الباقي ولو كان مجازا ، وما قاله الشيخ رحمهالله أحسن الوجوه في الباب ، فتأمّل جيدا.