فإذا ورد التخصيص وقال : (لا تكرم الفسّاق) فيكون العام على ما قلنا بواسطة التخصيص معنونا بعنوان لم يكن ذاك العنوان في الخاص ، فيكون المراد من إكرام العلماء هو إكرام العلماء غير الفسّاق ، فما يخرج عن عموم العام هو الفرد الذي كان متصفا بوصف الفسق ، وأمّا من لم يكن متصفا بوصف الفسق فيبقى تحت العام. فعلى هذا لو شككنا في فرد أنّه يكون متصفا بالفسق حتى لا يجب إكرامه أو لم يكن متصفا بالفسق حتى يكون إكرامه واجبا مثلا لو كان هذا فاسقا لا يجب إكرامه ، وأمّا لو لم يكن فاسقا فيجب إكرامه فالقدر المتيقّن ممّن خرج عن العموم يكون الفاسق المتصف بالفسق كان بمفاد كان الناقصة ، ولكن في هذا الفرد المشتبه الذي لم يعلم بكونه معنونا بعنوان العام أو الخاص يمكن أن يقال ببركة الاستصحاب أنّه داخل تحت العام.
فبمقتضى الاستصحاب نحكم بأنّه لم يكن فاسقا ولو بالعدم الأزلي ؛ لأنّ هذا الفرد يكون من المسلّم أنّه كان زمان لم يوجد هذا الوصف له ولو من باب عدم موضوعه أي بمفاد كان التامة أي عدم الفسق ولو في حال لم يكن هذا الفرد موجودا ونشكّ في أنّه إذا وجد وجد معه الفسق أم لا ، فبمقتضى الاستصحاب نحكم بعدم وجود الفسق معه ، فإذا ثبت بحكم الاستصحاب عدم الفسق فبمقتضى العموم نقول بوجوب إكرامه ؛ لأنّ العام لا يكون معنونا إلّا بعنوان غير العنوان الخاص فعنوان العام يكون إكرام العالم غير الفاسق ، وهذا الفرد أيضا بحكم الاستصحاب يكون غير فاسق.
فكذلك نقول في استصحاب عدم القرشية فنقول بأنّ هذه المرأة لم يكن لها انتساب لقريش ولو قبل وجودها ففي الحال نعلم بوجود المرآة ولكن نشكّ في أنّه هل وجد بوجودها الانتساب لقريش أم لا؟ فنحكم بمقتضى الاستصحاب بعدم الانتساب بينها وبين قريش فنحكم بعد الاستصحاب بمقتضى العموم أنّها إنّما ترى الحمرة الى الخمسين.