يعلمون إجمالا بوجود المخصّصات فكيف يعملون بالعمومات قبل الفحص؟
نقول : إنّه بعد ما كان مناط وجوب الفحص هو العلم الإجمالي فيمكن أن يقال : بأنّه لعلّ لا يكون لهم هذا العلم ، فمن كان له العلم الإجمالي يجب عليه الفحص وأمّا من لم يكن له العلم الإجمالي فلا يجب عليه الفحص.
وثانيا : أنّه بعد ما قلنا من أنّ كلّ متكلم يكون بناؤه بذكر المخصّصات والمقيّدات منفصلا ، فحيث إنّه خارج عن المتعارف يجب عليه اعلام المخاطبين بهذا البناء ، فعلى هذا لو كان بناء الشارع كذلك فلم ، لم يقول أبدا بذلك البناء ، مع أنّه في مقام بيان مراداته فلو كان مراده غير ظاهر الألفاظ يجب عليه البيان ، وقبيح عليه أن لا يبيّن بناءه للناس ولا يكون في الأخبار عين ولا أثر عن ذلك اي ولم يكن في الأخبار ذكر من بناء الشارع على ذكر التخصيصات والتقييدات منفصلة ، فعلى هذا الوجه الذي ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله لا يمكن التعويل عليه فافهم.
ثم إنّه لا يخفى عليك أنّه كلّما كان هذا العلم الإجمالي بخلاف الظهور يجب الفحص ، ولا فرق في ذلك بين العموم وغيره ، فلو كانت الألفاظ موضوعة لمعان وحقيقة فيها ونعلم إجمالا باستعمالات بعضها في المعنى المجازي أو يكون العلم الإجمالي بخلاف ظاهر الهيئات أو المواد في استعمالات الشارع فلا بدّ له من الفحص لأجل العلم الإجمالي. فعلى هذا ولو كان ظهور الأمر في الوجوب ولكن نعلم إجمالا باستعماله في الندب كثيرا ما فلا بدّ من الفحص في العمل بالأوامر وكذا في مادة الأمر ، غاية الأمر في مادة الأمر يكون استعماله في خلاف الموضوع له نادرا ، ولكن المناط هو العلم الإجمالي ، فكلّما يكون العلم الاجمالي لا يجوز العمل إلّا بعد الفحص ، فافهم.
ثم اعلم أنّه على ما قلنا في وجه وجوب الفحص في العلم الإجمالي يكون الفرق بين العامّ والاصول العملية واضحا ، حيث إنّه في العام مع العلم الإجمالي بالتخصيص يكون العام حجّة ويكون بناء العقلاء أيضا على العمل به ويكون فيه تمام جهات الحجّية إلّا أنّ من أجل مزاحمته مع العلم الاجمالي بالتخصيص لا يمكن العمل به ،