ينتظر المخاطب باحتمال أنّه لعلّ يكون مراده غير ظاهر كلامه ويقول بعدا فإذا كان البناء في المحاورات كذلك وأنّهم يأخذون بظاهر الكلام بدون انتظار للتخصيص والتقييد فلو كان متكلم مشيه على خلاف المشي المتعارف ويكون بناؤه بذكر خلاف ظاهر كلامه أو تخصيص عموماته منفصلا فلا بدّ أن نذكّر المخاطبين حتى لا يأخذون فورا بظاهر كلماته ، بل ينتظرون ، فكلّ متكلّم يكون كذلك بناؤه وصرّح بذلك تكون عموماته في معرض التخصيص والتقييد ، فلا يجوز العمل بها إلّا بعد الفحص.
إذا عرفت أنّ ما هو المنشأ في الأخذ بالظهور وما هو المنشأ في لزوم الفحص ، وحيث إنّ العرف لا يكون بناؤهم بذكر التخصيص والتقييد منفصلا فلا تكون عموماتهم في معرض التخصيص وأمّا الشارع فحيث كان بناؤه ذلك فتكون عموماته في معرض التخصيص فيجب الفحص على ما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله ولكن لا يخفى عليك أنّه يشترط في لزوم الفحص على ما قلنا لك أمران :
الأمر الأول : أن يكون بناء المتكلم على ذكر المخصّصات والمقيّدات مفصّلا.
الأمر الثاني : هو لزوم تصريحه بذلك حيث إنّه لو لم يصرّح لأخذ العرف بعموماته والحال أنّها لم يكن بظاهرها مرادا له ، فالكبرى مسلّمة وأنّه إذا وجد الأمران يجب الفحص لأجل معرّضية التخصيص. ولكنّه لا يخفى عليك أنّ الصغرى ممنوعة وأنّه لم تكن عمومات الشارع في معرض التخصيص حتى يجب الفحص.
أمّا أوّلا : فلأنّه أدلّ الدليل على أنّ الشارع لا يكون بناؤه على ذكر المخصّصات منفصلا هو السيرة وأنّ أصحاب الأئمة بمجرّد صدور عموم عن الأئمة يأخذون به ولا ينتظرون لورود المخصّص ولا يتفحّصون عن المخصّص ، والحال أنّه لو كان بناؤه بذكر المقيّدات والمخصّصات منفصلا فكيف يعملون بتلك العمومات ، ولا إشكال في عملهم بالعمومات قبل الفحص كما يظهر من الأخبار؟
إن قلت : على هذا فلا يكفي العلم الاجمالي أيضا لوجوب الفحص حيث إنّهم