وأمّا وجه عدم ورود هذا الايراد فهو أنّا نكون هنا في مقام بيان أنّ العمل بالعام هل يجوّز فعل الفحص عن المخصّص أم لا؟ ولو كان منشأ عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص هو العلم الإجمالي فالإشكال لا يكون واردا ، فافهم.
الوجه الرابع : وهو ما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية وهو أنّه بعد ما كان العام في معرضية التخصيص والتقييد لا يكون بناء العقلاء على العمل به ، فعلى هذا لأجل معرّضية العام للتخصيص والتقييد لا يجوز العمل بالعام إلّا بعد الفحص عن المخصّص.
ولكن لا يخفى ما في هذا الوجه من الفساد فنقول مقدمة لإثبات الفساد : إنّه نقول لك أوّلا منشأ هذا الكلام ثم نتعرّض لوجه فساده.
اعلم أنّه من الواضحات هو أنّ المتكلم الذي يكون في مقام البيان لا بدّ أن يتكلم بالنحو المتعارف عند الناس وبنحو جريهم يفهم مراداته ، فالشارع أيضا حيث إنّه بمقتضى الآية الشريفة : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) لا بدّ أن يتكلّم بالنحو المتعارف عند الناس لإفهام مراداته وأحكامه حتى يفهم الناس ، وحيث إنّ المتكلّم إذا كان في مقام بيان مراداته يتكلّم على النحو المتعارف فإذا تكلّم بكلام يأخذون بما هو ظاهر كلامه ، وهذا البناء ممّا لا إشكال فيه ، وهذا هو منشأ حجّية الظهور ويكون البناء عند العرف هو الأخذ بظاهر كلامه ، فلو كان له مراد غير ما هو ظاهر كلامه لا بدّ له أن يبيّنه ويكون البناء هو أن يبيّن مراده لو كان على خلاف الظاهر عند كلامه ولأجل ذلك يأخذون بظاهر كلامه.
وهذا هو البناء عند العقلاء والعرف فلو كان متكلم يريد من كلامه غير ما هو الظاهر منه فلا بدّ أن يبيّن ، وحيث إنّ بناء العرف على الأخذ بظاهر الكلام فورا ولا ينتظرون باحتمال أنّه لعلّ يكون لكلامه غير ما هو ظاهره أو لعموم كلامه تقييد أو تخصيص ، فلا بد أن يبيّن القيد وما هو خلاف ظاهر كلامه عند كلامه ، وبناء العرف كما ترى يكون كذلك وإن كان مرادهم غير ظاهر كلامهم يبيّنونه عند كلامهم ولا