بعد حضور وقت العمل بالخاص فيمكن أن يكون ناسخا له ، كما أنّه يحتمل أن يكون الخاص مخصّصا له فإن قلنا بأنّ كثرة التخصيص موجب لأن يكون الأظهر كون الخاص مخصّصا مع قلّة النسخ فنقول بكون الخاصّ مخصّصا ، هذا كلّه فيما علم تاريخهما.
وأمّا لو لم يعلم تاريخهما بل يحتمل أن يكون الخاصّ بعد حضور وقت العمل ويحتمل أن يكون واردا قبل حضور وقت العمل ، ولأجل ذلك لم يعلم أنّه مخصّص للعام أو ناسخ له فلا بدّ من الرجوع الى الأصل.
ولا يخفى عليك أنّ صرف ورود أحد الدليلين مثلا من الصادق عليهالسلام والآخر من الكاظم عليهالسلام لا يصير دليلا على كون الأوّل تاريخه مقدّم على الثاني كما توهّم ، بل يمكن أن يكون ما وصل إلينا من الكاظم عليهالسلام المتأخّر عن الصادق عليهالسلام ورد بلسان علي عليهالسلام أيضا مثلا ولم يصل إلينا. وعلى أيّ حال في صورة العلم بالتاريخ هو ما قلنا أمّا صورة الجهل بالتاريخ ، الحقّ هو ما قلنا من الرجوع الى الاصول ، هذا كلّه لو قلنا بأنّ النسخ لا يمكن قبل حضور وقت العمل.
ثم لا بأس بصرف الكلام إجمالا الى معنى النسخ. لا يخفى أنّ معنى النسخ هو بيان أمد الحكم كما أنّ البداء معناه إظهار خلاف الظاهر ، والنسخ والبداء معناهما واحد وهما عبارة عن ظهور خلاف الظاهر ، فلم يكن للحكيم جهل ، بل لأجل مصالح لم يظهر الأمر على الخلق ، ثم بعد ذلك إذا ظهر الأمر عليهم يعبّر بالبداء أو النسخ ، ولا مانع من أن يكون هذا من خصائص الشيعة ؛ لأنّ هذا ليس التزاما بأمر غير معقول أو إسناد جهل الى الله تعالى ، بل بهذا المعنى ليس جهل لله تعالى أصلا ، بل هو يعلم بالواقع كما هو ، ولكن أخفى عن الخلق لمصالح ، ثم إذا ظهر عليهم ظهر عليهم خلاف الظاهر الذي يتخيلون ، فافهم واغتنم ، والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله. هذا تمام الكلام في العامّ والخاصّ ويأتي الكلام في المطلق والمقيّد بعد ذلك إن شاء الله تعالى.