تحققت معجزة الآية بما كان من هلاك رؤساء الكفار الذين ظلوا مصرين على العناد والتكذيب والمناوأة في وقعة بدر الكبرى.
ولقد روى ابن كثير عن زيد بن أسلم «أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه حينما نزلت الآية السابقة لهاتين الآيتين لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف قالوا له ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال نعم فقال بعضهم هذا لا يكون أبدا يقتل بعضنا بعضا ونحن مسلمون فأنزل الله الآيتين». وهذا لم يرد في كتب الأحاديث المعتبرة وعبارة الآيتين تسوغ التوقف فيها بكل قوة فلا يمكن أن تكون أولاهما عنت أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فضلا عن أن الآيتين منسجمتان موضوعيا في السياق السابق واللاحق. ويظل شرحنا هو الأوجه الذي يستفاد أيضا من شروح غير واحد من المفسرين والله تعالى أعلم.
ولقد قال بعضهم إن جملة (قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) قد نسخت بآيات القتال ، وهذا يتكرر في كل مناسبة مماثلة وهذا إنما يصح في حالة إذا رافق موقف الكفار والمكذبين طعن وأذى على ما شرحناه في تفسير سورة (الكافرون).
(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨) وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)) [٦٨ ـ ٧٠]
(١) يخوضون : أصل معنى الخوض العبور في الماء ثم استعير للتعبير عن الدخول في الحديث والإفاضة فيه. ويستعمل على الأغلب في الإفاضة في الجدل والعبث والباطل من الكلام.