وفي الآية [١٢٩] تلقين مستمر المدى حيث ينطوي فيها تقرير كون الظالمين لا يتولاهم ولا يتعاون معهم إلا الظالمون أمثالهم. وتحذير للمؤمنين الصالحين من مسايرتهم بأي شكل. ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية حديثا مرفوعا أخرجه ابن عساكر عن ابن مسعود جاء فيه : «من أعان ظالما سلطه الله عليه» وقد احتوى الحديث تلقينا متسقا مع التلقين التحذيري المنطوي في الآية.
وهناك أحاديث وردت في كتب الصحاح فيها تنديد بالظلم والظالمين وحثّ على الوقوف في وجوههم بدون تردد وخوف أوردناها في تعليقنا على موضوع الظلم في سورة الفرقان فنكتفي بهذا التنبيه.
هذا ، وفي هذه الآيات قرينة على ما قلناه في صدد أسلوب الآيات التي سبقتها ونفي لإرادة الله سبحانه الهدى لأناس والضلال لآخرين دون أن يكون لأخلاقهم واختيارهم تأثير في ذلك.
وتعليقا على جملة (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) في صدد خلود الكافرين في النار نقول إن مثل هذه الجملة قد ورد في آيات في سورة هود ، وعلقنا عليها بما يغني عن التكرار فنكتفي بهذه الإشارة.
(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣) إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (١٣٤) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥)) [١٣٣ ـ ١٣٥]
وجه الخطاب في الآيتين الأولى والثانية إلى الكفار حيث قرر فيهما أن الله تعالى هو غني عن الناس وهو متصف بالرحمة أيضا وأنه يستطيع إذا شاء أن يهلكهم ويستخلف من بعدهم ما يشاء ، كما استطاع أن ينشئهم من ذرية قوم قبلهم. وأنه إذا لم يفعل ذلك فورا فلأن رحمته قد وسعت الجميع وحكمته قد