نصيب الله ردوه إلى نصيب الشركاء وإذا أصابهم جوع أكلوا مما نذروه لله دون المنذور للشركاء ، وقالوا إن الله غني عن نصيبه دون الشركاء. والغالب أن هذا كان يجري بإيعاز من السدنة لأنهم أصحاب الحظ والمصلحة.
ولم يذكر المفسرون شيئا واضحا في صدد جملة : (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ) [١٣٨] والمتبادر أنهم كانوا ينذرون بعض الأنعام والزروع لأناس ويحرمونها على أناس. ويعتبرون نذرهم هذا إلزاما دينيا لهم ولم يرووا شيئا واضحا كذلك في صدد الآية [١٣٩] وإنما قالوا قولين في تفسير جملة : (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ) أحدهما أنها تعني اللبن وثانيهما أنها تعني الجنين. والقول الثاني هو الأوجه بقرينة جملة (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ) التي وردت في نفس الآية. والمتبادر أنهم كانوا ينذرون الأجنة قبل ولادتها للذكور فإذا جاءت حية اعتبروا ذلك علامة رضاء الله والشركاء فحرموا أكلها على الإناث وإذا جاءت ميتة اعتبروا أن الله والشركاء لم يرضوا عن نذرهم فأكلوا الميتة هم ونساؤهم معا.
أما ما جاء في الآية [١٣٩] من الإشارة إلى تحريم ظهور بعض الأنعام فقد كان بسبب اعتبارات ونذور معينة. وكان يطلق على الأنعام نتيجة لها اصطلاحات خاصة. وقد ذكرت هذه الاصطلاحات في آية سورة المائدة هذه : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) [١٠٣] وروى المفسرون أنهم كانوا يشقّون أذن الناقة التي تنتج خمسة بطون ويخلون سبيلها شكرا لله فلا يركبونها ولا يحلبونها ولا يجزون وبرها ولا يمنعونها من كلأ وماء ويسمونها (بحيرة) اشتقاقا من (بحر) بمعنى شق الأذن. وكانوا إذا مرض لهم مريض أو كانت لهم أمنية أو طال عليهم غياب غائب نذروا أن يعتقوا ناقة يعينونها فإذا شفي المريض أو تحققت الأمنية أو عاد الغائب (سابوا) الناقة المذكورة وسموها (سائبة) وصار له من المزايا ما ذكرناه في صدد البحيرة وكانوا إذا أنتج الفحل عشرة بطون أعتقوه وسموه (حاميا) أي حمى نفسه وصار له نفس المزايا. وكانوا إذا ولدت الشاة لأول مرة أنثى كانت لهم