صدد تقاليد المشركين وبين هؤلاء وبين النبي صلىاللهعليهوسلم. والآيات مكية ، ولم يرو خبر أي احتكاك ومناظرة بين النبي صلىاللهعليهوسلم واليهود في العهد المكي وهذا ما يجعلنا نرجح القول الثاني ونقول إن ذكر اليهود قد جاء في سياق المجادلة والمناظرة بين النبي صلىاللهعليهوسلم والمشركين. وفي الآيات التالية تأييد لذلك حيث يستمر الكلام عن المشركين.
هذا ، وفي سفر الأحبار المسمى أيضا باللاويين ثالث أسفار العهد القديم المتداولة اليوم بيان أمر الله موسى وهرون تبليغه إلى بني إسرائيل مما يحل لهم ويحرم عليهم من الحيوانات على اختلافها ومن الشحوم بشيء من التفصيل ، بحيث يقال إن الآية الأولى احتوت ما رأت حكمة التنزيل ذكره كافيا من ذلك.
وهناك توافق من جهة وتخالف من جهة أخرى في أمر الشحوم. ففي الإصحاح الثالث من السفر المذكور حرم أكل شحم القرابين الذي على المعي والكليتين والخاصرتين وجعله وقيدة للرب. ومع ذلك ففي آخر الإصحاح هذه العبارة (كل شحم هو للرب برسم الدهر على ممر أجيالكم في جميع مساكنكم. كل شحم وكل دم لا تأكلوها) وهذا كذلك في حين أن الآية استثنت الشحوم التي تحملها ظهور البقر والغنم فقط أو حواياهما أو ما اختلط بعظم. ومهما يكن من أمر فالذي نعتقده أن ما جاء في الآية كان واردا في قراطيس يهودية ومتداولا بين اليهود.
أما ذوات الظفر فقد ذكر في الإصحاح الحادي عشر من السفر المذكور أن المحرم منها هو ما كان ذا ظفر غير مشقوقة سواء أكان مجترا أم غير مجتر مثل الجمل والوبر والأرنب والنعام التي هي من المجترات وذوات أظفار غير مشقوقة ومثل الخنزير الذي هو غير مجتر ولكنه من ذوات الأظفار غير المشقوقة. وظاهر أنه ليس هناك تخالف بين هذا وبين مدى الآية. ولقد روى الطبري وغيره عن علماء الصدر الأول أن جملة (كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) تعني كل ما لم يكن مشقوق الأصابع أو منفرج الأصابع من الأنعام والطير كالأيل والنعام. وهكذا يتفق المؤولون القدماء في فهم مدى الجملة مع ما كان متداولا عند اليهود وواردا في أسفارهم التي وصلت إلينا.