زوجته ثم فرّ منها وترك رداءه في يدها. وليس فيه ما قاله النسوة عن امرأة العزيز ودعوتها إياهن وتقطيعهن أيديهن. وليس فيه كذلك قصة شهادة الشاهد من أهل الزوجة ، وفيه أن زوجها غضب على يوسف حينما زعمت زوجته أنه راودها عن نفسها وأودعه الحصن الذي يسجن فيه سجناء الملك لأنه كان رئيس شرطة مصر. ونعتقد أن ما جاء في الآيات هو الذي كان متداولا عن طريق اليهود ومذكورا في الأسفار التي كانت في أيديهم وفي كتب التفسير بيانات حول هذه المباينات تؤيد كون ما جاء في القرآن كان متداولا معروفا.
ومن مواضع العبرة في الحلقة رعاية الله ليوسف وعنايته به وتمكينه في الأرض وصرفه عن السوء والفحشاء لأنه كان مخلصا له محسنا في أعماله ونواياه ، وتنويهه به لأنه ثبت أمام التجربة فلم ينزلق في المهاوي المهلكة اتقاء لغضب الله واستشعارا بواجب الحق والوفاء ، حيث ينطوي في ذلك حثّ على التمسك بأهداب الفضيلة والصدق والأمانة والاستقامة والوفاء ، وإشارة إلى ما يناله أصحاب هذه الأخلاق من تكريم الله ورعايته.
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦) قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٣٧) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٣٨) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٤٠) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي