انقساما على ما قررته الآية [١٥٣] التي سبقت هذه الآية ، ويسير في سبيل الشقاق والفرقة والخلاف بدافع من الهوى والمآرب الخاصة. ثم في إعلانها المسبق ببراءة النبي صلىاللهعليهوسلم ممن يفعلون ذلك من أمته.
ولقد أورد الطبري والبغوي وابن كثير في سياق هذه الآية أحاديث نبوية عديدة بالتنديد بالتفرق والاختلاف والبدع والضلالات. منها ما ورد في الكتب الخمسة ومنها ما لم يرد وإن كان مقاربا لما ورد في هذه الكتب فنكتفي بإيراد بعض ما ورد في هذه الكتب. فمن ذلك حديث رواه الترمذي عن العرباض بن سارية قال : «وعظنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فقال رجل إن هذه موعظة مودّع ، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشيّ ، فإنه من يعش منكم ير اختلافا كثيرا. وإياكم ومحدثات الأمور فإنّها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين عضّوا عليها بالنواجذ» (١). وحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة زاد في رواية ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة» (٢).
وحديث رواه الشيخان والنسائي عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدى هدى محمّد. وشرّ الأمور محدثاتها ، وكلّ محدثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة في النار» (٣). وفي الأحاديث تنبيه وتحذير نبويان يؤيدان ما في عبارة الآية المطلقة من تلقين مستمر المدى للمسلمين في كل زمن ومكان.
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٣٩ و ٤٠.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه ص ٣٧ وهناك أحاديث أخرى في التاج من هذا الباب فاكتفينا بما تقدم.