وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢)) [٧٥ ـ ٨٢]
(١) الكرب العظيم : الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم.
(٢) تركنا عليه في الآخرين : بمعنى أبقينا له ذكرا حسنا في الناس من بعده أو تكرمة دائمة من التحية والصلاة والسلام.
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليهالسلام وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ، حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلىاللهعليهوسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [٧٧ ـ ٨١] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسلة حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء ، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليهالسلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «حام وسام ويافث» وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي «سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم» (١). وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ١٩٥.