منّي خادما قال أبو هريرة فتلك أمّكم يا بني ماء السماء» (١).
ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليهالسلام فقالوا إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولا سيما إذا كانت في سبيل الله ودرء ضرر فادح. ولا يخلو هذا وذاك من وجاهة وسداد استنادا إلى نص الحديث النبوي فضلا عن المبدأ الحكيم بالإذن بالمحظور عند الاضطرار والخطر على ما شرحناه في سياق آية سورة الأنعام [١٤٥] وهناك حديث نبوي يصح أن يساق في هذا المساق رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أم كلثوم بنت عقبة قالت : «سمعت رسول الله وهو يقول ليس الكذّاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي خيرا. قالت ولم أسمع يرخّص في شيء مما يقول الناس كذب إلّا في ثلاث الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل لامرأته وحديث المرأة لزوجها» (٢).
هذا وقصة إبراهيم وسارة والجبار واردة في الإصحاح (١٢) من سفر التكوين بفروق طفيفة غير جوهرية. والقصة كانت مع فرعون مصر. وهذا يؤيد ما قلناه مرارا من أن هذا السفر كان متداولا معروف المحتوى في عصر النبي صلىاللهعليهوسلم وبيئته. أما القولان الآخران فلم يذكرا في هذا السفر تبعا لعدم ورود قصص إبراهيم مع قومه فيه على ما نبهنا عليه من قبل.
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ٢٦٢ و ٢٦٣ وتلك أمكم يعني هاجر أم العدنانيين لأنها أم إسماعيل على ما ذكرته الروايات.
(٢) التاج ج ٥ ص ٤٠.